أركان الحج

تاريخ النشر : 2022-06-26

عدد المشاهدات : 1163

مرات التحميل : 2

مشاركة


أضف الى المفضلة

مقالات الحج وعشر ذي الحجة (8)

أركان الحج

المراد بأركان الحج: هي التي لا يتم ولا يجزئ الحج حتى يأتي بجميعها، ولا يحل مِن إحرامه ما بقي منها شيء، ويلزم من ترك واحد منها بطلان الحج، ولا تجبر بدم ولا غيره.

أركان الحج أربعة، وهي كالآتي:

الركن الأول: الإحرام: وهو نية الدخول في الحج.

أجمع العلماء على أن الإحرام مِن أركان الحج.

الركن الثاني: الوقوف بعرفة:

أجمع العلماء على أنَّ الوقوف بعرفة من أركان الحج([1])، والمراد بالوقوف بعرفة وجود الحاج في عرفة سواء كان قائمًا أو جالسًا أو راكبًا.

ويبدأ الوقوف بعرفة من زوال شمس اليوم التاسع من ذي الحجة([2])؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعد الزوال وقال: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه»([3]).

واتفق العلماء على أنَّ آخر وقت للوقوف بعرفة: طلوع فجر يوم النحر؛ اليوم العاشر([4]).

ومن وقف بعرفة ولو لحظة من زوال اليوم التاسع إلى فجر اليوم العاشر فإن ذلك يجزئه في تحقيق ركن الوقوف بعرفة([5])، ويبقى عليه الواجب وهو الاستمرار في البقاء في عرفة حتى تغرب الشمس.

واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن أدرَكَ معَنا هذهِ الصَّلاةَ وأتى عَرَفاتٍ قبلَ ذلِكَ ليلًا أو نَهارًا فقد تمَّ حجُّهُ وقَضى تَفَثَهُ»([6]).

وجه الدلالة: أن عموم قوله: «وأتى عَرَفاتٍ قبلَ ذلِكَ ليلًا أو نَهارًا» يدل على أن مَن وَقَف بعرفة -ولو لحظة- ليلًا أو نهارًا فإن ذلك يجزئه.

الركن الثالث: طواف الإفاضة:

طواف الإفاضة هو الطَّواف الذي يقوم به الحاج بعد انصرافه من منًى يوم العيد إلى مكة، وقد أجمع العلماء على أنه من أركان الحج([7]).

وأفضل وقت لأداء طواف الإفاضة هو أول نهار يوم النحر – العاشر من ذي الحجة - بعد الرمي والنحر والحلق.

وأول وقت لجواز البدء بطواف الإفاضة من منتصف ليلة النحر لمن وقف بعرفة ومزدلفة، وإلا فبعد الوقوف فيهما([8]).

واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‌بِأُمِّ ‌سَلَمَةَ ‌لَيْلَةَ ‌النَّحْرِ، فَرَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ، وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الْيَوْمَ الَّذِي يَكُونُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، تَعْنِي: عِنْدَهَا([9]).

وجه الدلالة: أنَّ ظاهر الحديث جواز الدفع مِن المزدلفة بعد منتصف الليل والرمي قبل الفجر، وإذا جاز ذلك في الرمي جاز في بقية أعمال يوم النحر؛ لأنها مترابطة.

والصحيح: أنَّ آخر وقت لطواف الإفاضة غير محدود، فمتى أتى به الحاج أجزأه، ولا يلزم بتأخيره دم([10]).

وعللوا ذلك بأن طواف الإفاضة ليس له وقت يفوت بفواته، والأصل عدم الدم حتى يرد الشرع به، ولم يرد.

الركن الرابع: السعي بين الصفا والمروة:

المراد بالسعي بين الصفا والمروة هو قطع مسافة ما بين الصفا والمروة سبع مرات، وهو ركن من أركان الحج([11])؛ وذلك لما يأتي:

1- قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة:158].

وجه الدلالة: أن كونها من شعائر الله يدل على أن السعي بينهما واجب لا بد منه.

2- قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اسْعَوْا! فإنَّ اللهَ كتَبَ عليكمُ السَّعيَ»([12]).

مسألة: يجب على القارن والمفرد سعي واحد، ويجوز لهما أنْ يقدما السعي بعد طواف القدوم، ويجوز أنْ يؤخراه إلى ما بعد طواف الإفاضة، ولكن الأفضل أنْ يقدماه بعد طواف القدوم؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قدمه([13]).

مسألة: يجب على المتمتع سعيان، سعي للعمرة، يكون بعد طواف العمرة، وسعي للحج، يكون بعد طواف الإفاضة([14]).

مسألة: يجوز للحاج أن يقدم السعي على طواف الإفاضة في يوم النحر([15])؛ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: «وَقَفَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، بمِنًى، لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ! لَمْ أَشْعُرْ، فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، فَقالَ: اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ، ثُمَّ جَاءَهُ رَجُلٌ آخَرُ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ! لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، فَقالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ. قالَ: فَما سُئِلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن شيءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ، إلَّا قالَ: افْعَلْ وَلَا حَرَجَ»([16]).

 

أ.د. حمد بن محمد الهاجري

أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية

كلية الشريعة - بجامعة الكويت

 

([1]) ينظر: بداية المجتهد (112/2).

([2]) وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن أحمد. ينظر: بدائع الصنائع (125/2)، الشرح الكبير للدردير (37/2)، المجموع للنووي (120/8)، روضة الطالبين للنووي (97/3). الإنصاف للمرداوي (29/4).

([3]) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا (934/2) برقم (1297).

([4]) ينظر: التبصرة للخمي (1215/3)، المغني لابن قدامة (454/3).

([5]) وهذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة. ينظر: بدائع الصنائع (126/2)، المجموع للنووي (103/8)، كشاف القناع (494/2).

([6]) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب من لم يدرك عرفة (321/3) برقم (1950)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (959/4).

([7]) ينظر: مراتب الإجماع (ص:42).

([8]) وهو مذهب الشافعية والحنابلة واختاره الشيخ عبدالعزيز بن باز. ينظر: مجموع الفتاوى (203/26)، (231/26).

([9]) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب التعجيل من جمع (313/3) برقم (1942)، قال الحافظ: "وإسناده على شرط مسلم" بلوغ المرام (ص: 219).

([10]) وهو مذهب الشافعية، والحنابلة، واختيار ابن باز. ينظر: المجموع للنووي (224/8)، المغني لابن قدامة (391/3)، مجموع فتاوى ابن باز (148/16).

([11]) وهو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة. ينظر: الشرح الكبير للدردير (34/2)، شرح النووي على مسلم (9/ 20)، المجموع للنووي (265/8)، الإنصاف للمرداوي (43/4).

([12]) رواه أحمد في المسند (363/45) برقم (27367)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (4/269).

([13]) وهذا مذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة. ينظر: تبيين الحقائق (22/2)، نهاية المطلب في دراية المذهب (319/4)، الإنصاف للمرداوي (229-228/9).

([14]) وهذا مذهب الشافعية، والحنابلة. ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (157/4)، المغني لابن قدامة (352/3).

([15]) وهو رواية عن أحمد واختاره ابن باز وابن عثيمين. ينظر: المغني لابن قدامة (352/3)، مجموع فتاوى ابن باز (140/16)، الشرح الممتع (337/7).

([16]) متفق عليه: أخرجه البخاري (83)، ومسلم (1306).


التعليقات

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

لقدوصلت للحدالاقصى

0 /