الدم وأثره في الصوم
تاريخ النشر : 2021-03-04
عدد المشاهدات : 1568
مرات التحميل : 0
-
لا يوجد ملفات للتحميل
الدم وأثره في الصوم([1])
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد: فيتساءل البعض عن أثر خروج الدم من الصائم -أو إدخاله فيه- على الصيام، ويمكن تفصيل ذلك في خمس مسائل؛ كما يأتي:
الأولى: حقن الدم في الصائم المريض، يفسد الصوم؛ لأن الدم هو الغاية من الطعام والشراب. ومثله: تعمد بلع الدم من سنٍّ، أو جرحٍ، ونحوهما.
الثانية: خروج دم الحيض والنفاس، مفسد للصيام؛ لقول النبي ﷺ: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟»([2])، ولإجماع العلماء على ذلك.
الثالثة: الحجامة:
الصحيح من أقوال أهل العلم: أن الحجامة تُكرَه للصائم، ولكنها لا تفسد صومه، وهو قول جمهور العلماء؛ للجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك، فمنها ما يدل على أن الحجامة تفطر، مثل: ما جاء عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، فَأَبْصَرَ رَجُلًا يَحْتَجِمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»([3]).
ومنها -وهو الأكثر- ما يدل على أنها لا تفطر، مثل: ما جاء عنِ ابنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ احْتَجَمَ وهو مُحْرِمٌ، واحْتَجَمَ وهو صائِمٌ»([4])، وما جاء عن شُعْبَةُ قَالَ: "سَمِعْتُ ثَابِتً الْبُنَانِيَّ يَسْأَلُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه-: «أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ». وَزَادَ شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ"([5])، وما جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ: أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ، فَقَالَ: «أَفْطَرَ هَذَانِ»، ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ، وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ.([6]).
ومثلها: الفصد والشرط، لا يفسدان الصوم؛ فلا دليل على ذلك، وقياساً على الحجامة.
الرابعة: سحب الدم من الصائم:
الصحيح من أقوال أهل العلم أن سحب الدم لا يفسد الصوم سواء أكان للتحليل أم للتبرع، وحتى لو كان الدم المسحوب كثيراً، وذلك قياساً على الحجامة.
الخامسة: خروج الدم من الإنسان بغير قصد، لا يفسد الصوم، سواء أكان من جرح في بدنه أم من سن أم رعاف أم باسور أم استحاضة، ونحو ذلك، وسواء أكان الدم كثيراً أم قليلاً، إذا لم يتعمد الصائم بلع الدم؛ لأنه خرج بغير اختياره، ولأن الأصل صحة الصيام حتى يأتي دليل على فساده، ولا دليل.
([1]( انظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/271-274)، فتاوى اللجنة الدائمة (10/261-268)، مجالس رمضان ص (66-67)، مجموع فتاوى محمد العثيمين (19/239-256).
([2]( رواه البخاري (304).
([3]( رواه أحمد (١٧١١٩) واللفظ له، وأبو داود (2369)، والنسائي في الكبرى (3126)، وابن ماجه (1681)، وصححه البخاري في العلل الكبير (121) وقال: ليس في هذا الباب شيء أصح من حديث شداد بن أوس وثوبان كلاهما عندي صحيح، وصححه علي بن المديني وإسحاق بن راهويه والإمام أحمد، كما في تنقيح التحقيق للذهبي (2/319)، والدارمي في الكبير (4/265)، وابن القيم في تهذيب السنن (6/495)، والألباني في صحيح أبي داود (2369)، وقال شعيب الأرنؤوط -في تحقيقه على المسند-: "إسناده صحيح على شرط مسلم".
([4]( رواه البخاري (١٩٣٨).
([5]( رواه البخاري (1940).
([6]( رواه الدارقطني في سنننه (3/ 149)، برقم (٢٢٦٠). وقال: "[رجاله] كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً!"، قال الشيخ الألباني رحمه الله: "أخرجه الدارقطني، وعنه البيهقي، وقال الأول منهما -وأقره الآخر-: "كلهم ثقات، ولا أعلم له علة". وهو كما قالا" (إرواء الغليل) (4/73).
مقالات مقترحة

تحقيق القول في مشروعية ال...
يقدم ا.د حمد بن محمد الهاجرى مقال بعنوان تحقيق القول في مشروعية التطوع بصوم...
1469
0

المعتبر في النصاب مال كل...
يقدم ا.د حمد بن محمد الهاجرى مقال بعنوان المعتبر في النصاب مال كل فرد على حد...
556
0

حكم إخراج زكاة الفطر قبل...
يقدم ا.د حمد بن محمد الهاجرى مقال بعنوان حكم إخراج زكاة الفطر قبل وقتها بسبب...
533
0
التعليقات
أضف تعليق