المفيد في التذكير بسنن العيد

تاريخ النشر : 2021-03-06

عدد المشاهدات : 1663

مرات التحميل : 1

مشاركة


أضف الى المفضلة

المفيد في التذكير بسنن العيد

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد: فبمناسبة اقتراب عيد الفطر السعيد؛ أعاده الله علينا وعلى جميع المسلمين بالسعادة والعزة والخير والبركات والمجد والتمكين؛ أُذَكِّر إخواني المسلمين بجملة مِنْ سنن العيد:

أولاً: التكبير:

أ- التكبير في عيد الفطر: يسن التكبير المطلق (أي غير المقيد بأدبار الصلوات المفروضة)؛ فيكبر جهرًا بكل أحواله ابتداءً من غروب شمس آخر يوم من رمضان إلى آخر وقت صلاة العيد؛ لقوله تعالى: ﴿ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون﴾ [البقرة:185] وصِيغة التكبير الثابتة عن الصحابة:

1- عن‏ ابن مسعود -رضي الله عنه-: «الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، واللّه أكبر الله أكبر ولله، الحمد» [مصنف ابن أبي شيبة برقم: (5633) وحسنه في إرواء الغليل (3/125)].

2- عن ابن عباس -رضي الله عنه-: «الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا» [السنن‏ الكبرى للبيهقي برقم: (6280): وحسنه في إرواء الغليل (3/125)].

ب- التكبير في عيد الأضحى: يُسَنُّ التكبير في عيد الأضحى وأيام التشريق، وينقسم إلى قسمين:

الأول: تكبير مطلق: وهو الذي لا يتقيد بشيء، فيُسن دائمًا، في الصباح والمساء، قبل الصلاة وبعد الصلاة، وفي كل وقت ومكان يجوز ذكر الله فيه. ويجهر به الرجل، وتُسِرّ به المرأة أمام الرجال الأجانب. ويبدأ وقته في عشر ذي الحجة وسائر أيام التشريق؛ من غروب شمس آخر يوم من شهر ذي القعدة إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة وهو آخر أيام التشريق، وذلك للأدلة الآتية:

1- قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾[البقرة:203].

2- قوله تعالى: ﴿لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾[الحج:28].

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه قال: "الأيَّامُ المعلوماتُ: أيَّامُ العشرُ، والأيَّامُ المعدوداتُ: أيَّامُ التَّشريقِ"([1]).

3- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما مِنْ أيَّامٍ أعظَمُ عندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه العَمَلُ فيهِنَّ مِنْ هذه الأيَّامِ العَشْرِ؛ فأكْثِروا فيهِنَّ مِنْ التَّهْليلِ والتَّكْبيرِ والتَّحْميدِ»([2]).

4- أنَّ ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانَا "يَخْرُجَانِ ‌إِلَى ‌السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا"([3]).

الثاني: تكبير مقيد: وهو الذي يتقيد بأدبار الصلوات، ويبدأ وقته لغير الحاج مِنْ فجر يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق، أمَّا الحاج فيبدأ التكبير المقيد في حَقِّه مِنْ ظهر يوم النحر؛ وذلك للأدلة الآتية:

1- عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "أَنَّهُ ‌كَانَ ‌يُكَبِّرُ ‌دُبُر ‌صَلَاةِ ‌الْغَدَاةِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ ‌أيّامِ ‌التَّشريقِ"([4]).

2- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه كان "يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الْأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي ‌فُسْطَاطِهِ، وَمَجْلِسِهِ، وَمَمْشَاهُ، تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا"([5]).

3- قال النووي: "وَأَمَّا ‌التَّكْبِيرُ ‌الْمُقَيَّدُ ‌فَيُشْرَعُ ‌فِي ‌عِيدِ ‌الْأَضْحَى ‌بِلَا ‌خِلَافٍ؛ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ"([6]).

والصحيح: أنَّ التكبير المقيد يستحب للرجال والنساء بعد الصلوات المفروضة، سواء صلى في جماعة، أو منفردًا. فإذا سَلَّم مِن الفريضة واستغفر ثلاثًا وقال: «‌اللَّهُمَّ ‌أَنْتَ ‌السَّلَامُ، ‌وَمِنْكَ ‌السَّلَامُ، ‌تَبَارَكْتَ ‌يَا ‌ذَا ‌الْجَلَالِ ‌وَالْإِكْرَامِ»([7]) بدأ بالتكبير.

ثانيًا: الاغتسال لصلاة العيد والتطيب؛ لأثر ابن عمر رضي الله عنه: «كان يغتسل ويتطيب يوم الفطر». [عبدالرزاق برقم: (5779)].

ثالثًا: التجمّل ولبس أحسن الثياب؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنه- «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلبس يوم العيد بردة حمراء» [الطبراني في الأوسط برقم: (7609)؛ وقال الألباني في السلسة الصحيحة (3/274): إسناده جيد].

أما النساء فيبتعدن عن التجمل والتطيب إذا خرجن؛ لأنهن منهيات عن ذلك.

رابعًا: يسن لعيد الفطر أكل تمرات وترًا قبل الخروج إلى صلاة العيد؛ مبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى بقطع الصوم؛ لحديث أنس-رضي الله عنه-: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وترًا» [البخاري (986)].

أمّا عيد الأضحى فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يأكل حتى يرجع من الصلاة، فيضحي ويأكل من أضحيته، فعن بريدة -رضي الله عنه- قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ، وَلَا يَأْكُلُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ ‌فَيَأْكُلَ ‌مِنْ ‌أُضْحِيَّتِهِ». [رواه أحمد (٢٢٩٨٤)، والترمذي(542)، وحسنه الشيخ شعيب الأرنؤوط].

خامسًا: الخروج مشيًا إلى المصلى؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنه-: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج إلى العيد ماشيًا ويرجع ماشيًا» [ابن ماجه‏ برقم: (1295)، وصححه الألباني في الإرواء (3/103)].

سادسًا: مخالفة الطريق ذهابًا وإيابًا؛ فيذهب إلى صلاة العيد من طريق؛ ويرجع من طريق آخر؛ تكثيرًا للخير، وإظهارًا للشعائر؛ لحديث جابر -رضي الله عنه- قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان يوم عيد خالف الطريق» [البخاري برقم: (986)].

سابعًا: أداء صلاة العيد في المصلى؛ لما فيه من كثرة الاجتماع وتوحيد الكلمة، وإظهار شعائر الإسلام، وإرهاب العدو؛ لحديث أبي سعيد: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى» [البخاري برقم: (956)].

ثامنًا: خروج جميع النساء -بما في ذلك العواتق والحيض وذوات الخدور- بغير زينة ولا طيب إلى المصلى؛ لشهود الخير وسماع الذكر؛ لحديث أم عطية رضي الله عنها: «أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نخرجهن في الفطر والأضحى، العواتق، والحيض، وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة؛ ويشهدن الخير؛ ودعوة المسلمين؛ قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب! قال: لتلبسها أختها من جلبابها» [متفق عليه].

تاسعًا: التهنئة بالعيد مباحة؛ وقد صح بإسناد حسن عن جبير بن نفير، قال: «كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض تقبل اللّه منا ومنك» [فتح الباري (2/446)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (24/138)].

عاشرًا: صلة الأرحام، وعيادة المريض، وزيارة الأقارب والأصحاب، وترك القطيعة والهجران؛ وتفقد المساكين والأيتام والفقراء.

حادي عشر: إظهار المرح وإدخال السرور واللهو المباح في العيد؛ لقول عائشة -رضي الله عنها- قالت: «إن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله إذا التقوا في يوم عيد، فاطلعت من فوق عاتقه؛ فطأطأ لي منكبيه؛ فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم انصرفت» [متفق عليه].

 

([1]) رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به (2/457 مع فتح الباري).

([2]) أخرجه أحمد في "المسند" (10/296)، والطبراني في "الدعاء" ص(272)، والبيهقي في "الدعوات الكبير" (2/155).

([3]) أخرجه البخاري تعليقًا مجزوما به كما في " الفتح" (2/457)، ورواه موصولًا الفاكهي في "أخبار مكة" (1013)، وقال محققه ابن دهيش: إسناده حسن.

([4]) رواه ابن المنذر في "الأوسط" (2200)، والبيهقي (6496).

([5]) رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (970)، ورواه موصولًا ابن المنذر في الأوسط (4/344).

([6]) "المجموع" للنووي (5/32).

([7]) رواه مسلم (136).


التعليقات

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

لقدوصلت للحدالاقصى

0 /