حكم التكبير في عشر ذي الحجة وأيام التشريق

تاريخ النشر : 2021-02-21

عدد المشاهدات : 2523

مرات التحميل : 8

مشاركة



مقالات الحج وعشر ذي الحجة (3)

حكم التكبير في عشر ذي الحجة وأيام التشريق وأقسامه ووقته

يُسَنُّ التكبير في أيام عشر ذي الحجة وعيد الأضحى وأيام التشريق، والتكبير ينقسم إلى قسمين:

الأول: تكبير مطلق: وهو الذي لا يتقيد بشيء، فيُسن دائمًا، في الصباح والمساء، قبل الصلاة وبعد الصلاة، وفي كل وقت ومكان يجوز ذكر الله فيه. ويجهر به الرجل، وتُسِرّ به المرأة أمام الرجال الأجانب. ويبدأ وقته في عشر ذي الحجة وسائر أيام التشريق؛ من غروب شمس آخر يوم من شهر ذي القعدة إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة وهو آخر أيام التشريق، وذلك للأدلة الآتية:

1- قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾[البقرة:203].

2- قوله تعالى: ﴿لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾[الحج:28].

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه قال: "الأيَّامُ المعلوماتُ: أيَّامُ العشرُ، والأيَّامُ المعدوداتُ: أيَّامُ التَّشريقِ"([1]).

3- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما مِنْ أيَّامٍ أعظَمُ عندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه العَمَلُ فيهِنَّ مِنْ هذه الأيَّامِ العَشْرِ؛ فأكْثِروا فيهِنَّ مِنْ التَّهْليلِ والتَّكْبيرِ والتَّحْميدِ»([2]).

4- أنَّ ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانَا "يَخْرُجَانِ ‌إِلَى ‌السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا"([3]).

الثاني: تكبير مقيد: وهو الذي يتقيد بأدبار الصلوات، ويبدأ وقته لغير الحاج مِنْ فجر يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق، أمَّا الحاج فيبدأ التكبير المقيد في حَقِّه مِنْ ظهر يوم النحر؛ وذلك للأدلة الآتية:

1- عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "أَنَّهُ ‌كَانَ ‌يُكَبِّرُ ‌دُبُر ‌صَلَاةِ ‌الْغَدَاةِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ ‌أيّامِ ‌التَّشريقِ"([4]).

2- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه كان "يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الْأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي ‌فُسْطَاطِهِ، وَمَجْلِسِهِ، وَمَمْشَاهُ، تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا"([5]).

3- قال النووي: "وَأَمَّا ‌التَّكْبِيرُ ‌الْمُقَيَّدُ ‌فَيُشْرَعُ ‌فِي ‌عِيدِ ‌الْأَضْحَى ‌بِلَا ‌خِلَافٍ؛ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ"([6]).

والصحيح: أنَّ التكبير المقيد يستحب للرجال والنساء بعد الصلوات المفروضة، سواء صلى في جماعة، أو منفردًا. فإذا سَلَّم مِن الفريضة واستغفر ثلاثًا وقال: «‌اللَّهُمَّ ‌أَنْتَ ‌السَّلَامُ، ‌وَمِنْكَ ‌السَّلَامُ، ‌تَبَارَكْتَ ‌يَا ‌ذَا ‌الْجَلَالِ ‌وَالْإِكْرَامِ»([7]) بدأ بالتكبير.

صيغة التكبير:

لا تلزم في التكبير صيغة معينة، بل الأمر في ذلك واسع، وأفضل صيغهِ ما أُثر عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "أَنَّهُ ‌كَانَ ‌يُكَبِّرُ ‌أَيَّامَ ‌التَّشْرِيقِ: ‌اللَّهُ ‌أَكْبَرُ، ‌اللَّهُ ‌أَكْبَرُ، ‌لَا ‌إِلَهَ ‌إِلَّا ‌اللَّهُ، ‌وَاللَّهُ ‌أَكْبَرُ، ‌اللَّهُ ‌أَكْبَرُ، ‌وَلِلَّهِ ‌الْحَمْدُ"([8]).

وقد هُجِر التكبير في هذا الزمان -خاصة في أول العشر- فلا تكاد تسمعه إلا نادرًا، فلنحرص على العمل به في مواضعه لإحياء السُّنَّة وتذكير الغافلين.

وينبغي أنْ يُكَبِّر كل واحد بمفرده، وأمَّا التكبير الجماعي بصوت واحد أو يكبر شخص ثم ترد المجموعة خلفه فلا يجوز؛ لعدم ورود ذلك في الشريعة، والعبادات توقيفية مبناها على الاتباع لا على الابتداع.

 

أ.د. حمد بن محمد الهاجري

أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية

كلية الشريعة - بجامعة الكويت

 

([1]) رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به (2/457 مع فتح الباري).

([2]) أخرجه أحمد في "المسند" (10/296)، والطبراني في "الدعاء" ص(272)، والبيهقي في "الدعوات الكبير" (2/155).

([3]) أخرجه البخاري تعليقًا مجزوما به كما في " الفتح" (2/457)، ورواه موصولًا الفاكهي في "أخبار مكة" (1013)، وقال محققه ابن دهيش: إسناده حسن.

([4]) رواه ابن المنذر في "الأوسط" (2200)، والبيهقي (6496).

([5]) رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (970)، ورواه موصولًا ابن المنذر في الأوسط (4/344).

([6]) "المجموع" للنووي (5/32).

([7]) رواه مسلم (136).

([8]) رواه ابن أبي شيبة (5651)، وصححه الألباني في الإرواء (3/125).


التعليقات

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

لقدوصلت للحدالاقصى

0 /