شروط صحة رمي الجمار

تاريخ النشر : 2022-06-26

عدد المشاهدات : 1595

مرات التحميل : 2

مشاركة


أضف الى المفضلة

مقالات الحج وعشر ذي الحجة (24)

شروط صحة رمي الجمار

أولًا: رمي الجمار: هو التعبد لله بقَذْفِ الحصى في زمانٍ مخصوصٍ، ومكانٍ مخصوصٍ، وعددٍ مخصوصٍ.

ثانيًا: اتفق الفقهاء على أن رمي الجمار واجب من واجبات الحج، فإن تركه الحاج جبره بدم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمار، وقال: «‌خُذُوا ‌عَنِّي ‌مَنَاسِكَكُمْ»([1]).

 شروط صحة رمي الجمار:

1- أن يرمي الحصاةَ بيده على وجه يسمى رميًا، فلو ترك الحصاة تنحدر في المرمى، أو وضعها فيه من غير رمي، أو رماها بقوس أو مقلاع، أو ركلها برجله لم يُجْزِئْه([2])؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرات بيده، وقد قال: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ»([3]).

2- أن يَقْصِدَ بالرمي الجمرةَ -وهي مجتمع الحصى، لا ما سال من الحصى-، والجمار الثلاث حُوِّطت بأحواض، وهي التي يجب أن تُقصَد بالرمي، فلو ضرب شخص يد الحاج فطارت الحصاة إلى المرمى وأصابته لم يصح([4])؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّما الأَعْمالُ بِالنِّيَّاتِ»([5]).

3- أن يقع الحصى داخل الحوض، ولا تجب إصابة العمود الشاخص بالحصاة، فلو ارتدت الحصاة المضروبة في العمود، وخرجت عن الحوض لم تجزئه؛ لأن من شرط الحصى وقوعَها في المرمى، فإن وقعت دونه لم يجزئه([6])؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى إلى داخل الحوض، وقد قال -كما تقدم-: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ».

4- أن يكون رمي الجمار في وقته الشرعي، ويدخل وقت الرمي بالنسبة لجمرة العقبة في يوم النحر بعد منتصف ليلة النحر، ويستحب رميها بعد طلوع الشمس([7])، ويدخل وقت الرمي في أيام التشريق بعد زوال الشمس فلا يصح الرمي فيها قبل الزوال([8])؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: «رَمَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الجَمْرَةَ يَومَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَمَّا بَعْدُ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ»([9]).

5- أن يكون المَرْمِىُّ به حجرًا أي من جنس الأحجار كالرخام والمرمر([10]) وما إلى ذلك، فلا يجزئ الرمي بالنحاس والحديد والرصاص وغيرها من المعادن ولا بالتراب والطين والخَزَف والنُّوَرة([11])؛ لحديث جابر الطويل في وصف حج النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: «‌فَرَمَاهَا ‌بِسَبْعِ ‌حَصَيَاتٍ، ‌يُكَبِّرُ ‌مَعَ ‌كُلِّ ‌حَصَاةٍ ‌مِنْهَا، ‌مِثْلِ ‌حَصَى ‌الْخَذْفِ»([12]).

6- أن يرمي الحصيات متفرقات واحدة تلو الأخرى، واتفق العلماء على أنه لا يجزئه أن يرميَ السبعَ الحصيات دفعة واحدة([13])؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى سبع رميات، وقد قال: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ»([14]).

7- أن يرتب الجمرات فيرمي الجمرة الصغرى التي تلي مسجدَ الخيف ثمّ الجمرة الوسطى ثم جمرةَ العقبة، فإن نَكَسَ ذلك فلا يجزئه ذلك([15])؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رتبها في الرمي، وقد قال: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ».

8- أن لا يرميَ بحصى قد رُمي به([16])؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ من غير المرمي به. وقد قال: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ»، ولأنه لو جاز الرمي بما رمي به، لما احتاج أحد إلى أخذ الحصى من غير مكانه، ولا تكسيره.

ويجوز له أن يأخذ الحصى من حيث شاء، حتى لو أخذ من الحصى الذي حول الجمار؛ لأن الأصل عدم حصول الرمي به بخلاف ما وقع في الحوض.

 

أ.د. حمد بن محمد الهاجري

أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية

كلية الشريعة - بجامعة الكويت

 

 

([1]) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9524).

([2]) باتفاق المذاهب الأربعة. ينظر: بدائع الصنائع (137/2)، شرح مختصر خليل للخرشي (339/2)، المجموع للنووي (173/8)، الإنصاف للمرداوي (33/4).

([3]) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا (934/2) برقم (1297).

([4]) باتفاق المذاهب الأربعة. ينظر: حاشية ابن عابدين (513/2)، الذخيرة للقرافي (276/3)، المجموع للنووي (155/8)، المغني لابن قدامة (383/3).

([5]) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (6/1) برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنية» (1515/3) برقم (1907)، واللفظ للبخاري.

([6]) وهذا مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة. ينظر: حاشية الدسوقي (50/2)، المجموع للنووي (176/8)، المغني لابن قدامة (383/3).

([7]) وهذا مذهب الشافعية، والحنابلة، واختاره الشيخ عبدالعزيز بن باز. ينظر: المجموع للنووي (180/8)، المغني لابن قدامة (382-381/3)، مجموع فتاوى ابن باز (143/16).

([8]) وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة، والرواية المشهورة عند الحنفية، والرواية الأخرى: "أنَّ الأفضل أنْ يرمي في اليوم الثاني والثالث بعد الزوال، فإنْ رمى قبله جاز" بدائع الصنائع (137/2)، وفي تبيين الحقائق (35/2): "ولو رميت في اليوم الرابع قبل الزوال صح، وهذا عند أبي حنيفة -رحمه الله- وقالا: لا يجوز". وينظر: حاشية العدوي (545/1)، المجموع للنووي (225/8)، المغني لابن قدامة (399/3).

([9]) أخرجه البخاري تعليقًا بالجزم في كتاب الحج، باب رمي الجمار (177/2)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وقت استحباب الرمي (945/2) برقم (1299)، واللفظ له.

([10]) نوع من الرخام صلب. لسان العرب لابن منظور (76/13)

([11]) وهذا مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة. ينظر: شرح مختصر خليل للخرشي (339/2)، المجموع للنووي (170/8)، المغني لابن قدامة (379/3).

([12]) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (891/2) برقم (1218).

([13]) ينظر: تبيين الحقائق (30/2)، الفواكه الدواني (815/2)، المجموع للنووي (176/8)، الإنصاف للمرداوي (26/4).

([14]) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا (934/2) برقم (1297).

([15]) وهذا مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة. ينظر الفواكه الدواني (815/2)، المجموع (239/8)، كشاف القناع (509/2).

([16]) وهذا مذهب الحنابلة. ينظر: المغني لابن قدامة (380/3).


التعليقات

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

لقدوصلت للحدالاقصى

0 /