محظورات الإحرام
تاريخ النشر : 2022-06-26
عدد المشاهدات : 1239
مرات التحميل : 2
مقالات الحج وعشر ذي الحجة (13)
محظورات الإحرام
محظورات الإحرام: هي الأشياء التي يمنع منها الإنسان بسبب إحرامه بالحج أو العمرة، ومنها:
الأول: حلق الشعر:
اتفق العلماء على أنه لا يجوز للمحرم أن يحلق شعر رأسه أو بدنه، أو يقصر منه شيئا؛ لقوله تعالى ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾[البقرة:196].
ولا يجوز للمحرم أن يمشط شعره حتى لا يؤدي إلى تساقط الشعر، ويجوز له أن يحك شعره برفق وأن يغسله.
الثاني: تقليم الأظافر:
اتفق الفقهاء على أنَّ المحرم يحرم عليه تقليم الأظافر أو قصها، فإن انكسر ظفره وتأذى به فيجوز له أن يقصه، ولا شيء عليه.
الثالث: تغطية الرجل رأسه ووجهه بملاصق معتاد:
اتفق العلماء على أنه يحرم على المحرم الذكر أن يغطي رأسه بملاصق مما يلبس عادة على الرأس مثل الطاقية والشماغ والعمامة، وكذلك وجهه؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في الذي مات محرمًا في عرفة: «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ»([1]). وهذا عام في كل غطاء.
أما تغطية الشعر بغير ملاصق كالخيمة وسقف السيارة والمظلة فيجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضُرِبت له قُبَّة بنَمِرة يوم عرفة فاستظل بها. ويجوز للمحرم أن يحمل متاعه على رأسه عند الحاجة.
الرابع: لبس المخيط:
المسألة الأولى: المخيط: هو كل ما فُصِّل على قدر البدن كله أو أحد أعضائه. مثل: الثوب والقميص والسراويل والخفاف والجوارب وما أشبهها. وليس المراد بالمخيط ما فيه خيط أو خياطة.
المسألة الثانية: اتفق العلماء على أنه يحرم على الرجل المحرم لبس المخيط؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القَمِيصَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ وَلَا الخُفَّيْنِ»([2]).
المسألة الثالثة: اتفق العلماء على أنه يجوز للمرأة المحرمة أن تلبس المخيط، إلا أنه يحرم عليها لبس النقاب والبرقع والقفازين([3])؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ»([4]).
أما تغطية وجهها بجلباب أو خمار فليس من محظورات الإحرام؛ لحديث عائشة تقول: «كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا أَسْدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ»([5]).
ولا يحرم على المرأة المحرمة لبس الجوارب وإنما يحرم على الرجل المحرم.
الخامس: استعمال الطيب بعد الإحرام في ثوبه أو بدنه:
اتفق العلماء على أنه يحرم على المحرم استعمال الطيب في ثوبه أو بدنه، أو شمه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تَلْبَسُوا شيئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، ولَا الوَرْسُ»([6]). وحديث الذي أوقعته ناقته «لَا تُحَنِّطُوهُ»([7]). وفي رواية: «لَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا»([8]). وتحنيط الميت: جعل مجموعة مِن الأطياب في مواضع من جسمه.
ويحرم عليه أيضا وضع الزعفران في الشاي أو القهوة أو الطعام؛ لأن الزعفران طيب؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل ما يلبس المحرم من الثياب، قال: «لَا تَلْبَسُوا القُمُصَ، وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا البَرَانِسَ، وَلَا الخِفَافَ، إِلَّا أَحَدٌ لا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُما أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شيئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الوَرْسُ»([9]).
السادس: قتل الصيد:
المسألة الأولى: الصيد: هو كل حيوان بري حلال متوحش طبعًا.
المسألة الثانية: اتفق العلماء على أنه يحرم على المحرم تنفير الصيد أو قتله بمباشرة أو تسبب؛ وذلك لما يأتي:
1- قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ۖ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾[المائدة:96].
2- حديث الصعب بن جثامة أنه صاد حمارًا وحشيًّا وجاء به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فرده عليه، وقال: «إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلَّا أنَّا حُرُمٌ»([10]).
المسألة الثالثة: لا يحرم على المحرم صيد الحيوان الأهلي؛ كالإبل والبقر والغنم والدجاج ولو توحشت؛ لأنها ليست صيدًا. كما لا يحرم صيد البحر، ولا قتل محرم الأكل، ولا الحيوان الصائل.
المسألة الرابعة: قطع الشجر ليس حرامًا على المحرم من أجل الإحرام؛ لأنه لا تأثير للإحرام فيه، وإنما يحرم على من كان داخل حدود الحرم سواء أكان محرمًا أم غير محرم. لذلك يجوز قطع الشجر في عرفه للمحرم وغير المحرم؛ لأنها خارج حدود الحرم، ويحرم في مزدلفة ومنى على المحرم وغير المحرم؛ لأنهما داخل حدود الحرم. وليس في قطع الشجر فدية.
السابع: عقد النكاح:
يحرم على المحرم عقد النكاح سواء كان المحرم الولي أو الزوج أو الزوجة، فالحكم يتعلق بهؤلاء الثلاثة. وكذلك يحرم عيه أنْ يكون وكيلًا في ذلك، أو أن يخطب.
أما الشاهدان فلا تأثير لإحرامهما لكن يكره أن يحضرا عقده إذا كانا محرمين.
ويدل على ذلك: حديث عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَنْكِحُ المُحْرِمُ، ولا يُنْكِحُ، ولا يَخْطُبُ»([11]).
وعقد النكاح حال الإحرام فاسد غير صحيح؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ»([12]).
وهذا المحظور إذا فعله المحرم يأثم، ولكن لا فدية فيه؛ لعدم الدليل.
الثامن: الجماع:
المسألة الأولى: اتفق العلماء على أنه يحرم على المحرم الجماع ومقدماته، ويحصل الجماع بإيلاج الحشفة في قبل أو دبر؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾[ البقرة:197].
وفسر ابن عباس رضي الله عنهما -وغيره من السلف- الرفث بالجماع.
المسألة الثانية: اتفق العلماء على أنَّ مَن جامَع قبل الوقوف بعرفة فسد حجه، وكذلك مَن جامَع بعد الوقوف بعرفة وقبل التحلل الأول فسد حجه([13])، وأما مَن جامَع بعد التحلل الأول فإن حجه لا يفسد ولكنه يأثم وتجب عليه فدية([14])؛ لأنه قول ابن عباس رضي الله عنهما ولا يعرف له مخالف من الصحابة.
التاسع: المباشرة لشهوة:
يحرم على المحرم المباشرة بشهوة سواء بتقبيل أو لمس أو ضم أو نحوه([15])؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ...﴾[ البقرة:197]. ويدخل في الرفث الجماع ومقدماته، ولا يحل النظر لشهوة؛ لأنه يستمتع به كالمباشرة.
أما المباشرة لغير شهوة كما لو أمسك الرجل بيد امرأته بدون شهوة فهذا ليس حرامًا.
أ.د. حمد بن محمد الهاجري
أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية
كلية الشريعة - بجامعة الكويت
([1]) متفق عليه: رواه البخاري (1265)، ومسلم (1206).
([2]) متفق عليه: رواه البخاري (5806)، ومسلم (1177).
([3]) وهو مذهب جمهور العلماء.
([4]) رواه البخاري (1838).
([5]) أخرجه أحمد (24021)، وأبو داود (1833)، وابن ماجه (2935). وقال الألباني في "جلباب المرأة المسلمة" (ص107): "حسن في الشواهد".
([6]) متفق عليه: رواه البخاري (1838)، ومسلم (1177).
([7]) متفق عليه: رواه البخاري (1265)، ومسلم (1206).
([8]) متفق عليه: رواه البخاري (1839)، ومسلم (1206).
([9]) متفق عليه: رواه البخاري (5803)، ومسلم (1177).
([10]) متفق عليه: رواه البخاري (1825)، ومسلم (1193).
([11]) رواه مسلم (1409).
([12]) متفق عليه: رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718).
([13]) وهو مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة.
([14]) باتفاق المذاهب الأربعة.
([15]) باتفاق المذاهب الأربعة.
مقالات مقترحة

الموقف الشرعي من دعوات ال...
يقدم ا.د حمد بن محمد الهاجرى مقال بعنوان الموقف الشرعي من دعوات المساواة في...
1070
5

سطوع المحجة في فضائل وأعم...
يقدم ا.د حمد بن محمد الهاجرى مقال بعنوان سطوع المحجة في فضائل وأعمال عشر ذي...
2760
23

فضل الصلاة وخطر التهاون ب...
يقدم ا.د حمد بن محمد الهاجرى مقال بعنوان فضل الصلاة وخطر التهاون بها
789
0
التعليقات
أضف تعليق