أحكام عشر ذي الحجة والأضحية والعيد

تاريخ النشر : 2023-06-20

عدد المشاهدات : 894

مرات التحميل : 0

مشاركة


    لا يوجد ملفات للتحميل
أضف الى المفضلة

أحكام عشر ذي الحجة والأضحية والعيد

بسم الله الرحمن الرحيم

سطوع المحجة في فضائل وأعمال عشر ذي الحجة

الحمد لله الذي بفضله تتوالى أيام الفضائل، وبرحمته تتعاقب مواسم النوائل، وتتعالى بها مراتب الجزائل؛ لتكون مغنمًا للطائعين، وميدانًا لتنافس المتنافسين، له الحمد كما ينبغي، وله الثناء كما يصطفي، وأصلي وأسلم على المصطفى المختار، وعلى آله وأصحابه الأخيار.

أمَّا بعد: فهذا مقال وجيز فيما نستقبل مِن الأيام، أعني أيام العشر الأولى مِنْ شهر ذي الحجة، وقد جعلت الكلام فيه على قسمين:

القسم الأول: بيان فضلها.

والقسم الثاني: الأعمال التي تُشرع في عشر ذي الحجة.

وفي هذا ما أرجوه مِن الثواب والنفع لمن قرأه وتَقَفَّاه.

1- فضل أيام العشر

لقد نوَّه الله -عز وجل- بأيام العشر في كتابه إذ أقسم فقال: ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾[الفجر:1-2] قال ابن عباس وابن الزبير -رضي الله عنهم-، ومجاهد، وغير واحد مِن السلف: "إنَّها عشر ذي الحجَّةِ". وحسْبها مِن الفضل ذلك القسم مِنْ ذي العزة والجلال، ثمَّ قد جاء صريح السنة وصحيحها ببيان فضل هذه العشر مِنْ حديث جابر -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنيا أيَّامُ العَشْرِ -يعني عَشْرَ ذِي الحجَّةِ- قِيلَ: ولَا مِثلُهُنَّ في سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا مِثلُهُنَّ في سَبيلِ اللَّهِ، إِلَّا رجلٌ عَفَّرَ وَجهَهُ فِي التُّرابِ»([1]).

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ‌وَلَا ‌الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‌وَلَا ‌الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»([2]).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما –أيضًا- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: «‌مَا ‌مِنْ ‌عَمَلٍ ‌أَزْكَى ‌عِنْدَ ‌اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى. قِيلَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ». قال -أي القاسم بن أبي أيوب راوي الحديث عن سعيد بن جبير-: "وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا دَخَلَ أَيَّامُ الْعَشْرِ اجْتَهَدَ اجْتِهَادًا شَدِيدًا حَتَّى مَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ"([3]).

والأحاديث والآثار في هذا صعبة الحصر، جَمَّةُ الوَفْر، يُستغنى بالمذكور منْها عن التي لم تذكر، وفي الذي ذُكر يتجلَّى موضع هذه الأيام عند الله، حيث وردت الأحاديث أنَّها أفضل مطلقًا مِنْ سائر أيام الدهر، فانظر كيف فَضَّلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أيام رمضان والأشهر الحرم؟! ولم يستثن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مِن الأيام شيئًا، حتى أيام العشر الأخيرة مِنْ رمضان، إلا أنَّ ليالي العشر مِنْ رمضان خير مِنْ ليالي العشر مِنْ ذي الحجة؛ لأنَّ نصَّ الحديث في الأيام دون الليالي، وبذلك تجتمع الأدلة وينجلي الأمر، ولعل الحكمة في فضل تلكَ العشر أنها مجتمع أمهات العبادات ومَعِنَّتُها، فالعبادة إمَّا أنْ تكون مالية، أو بدنية، أو جامعة للأمرين، وكل ذلك حاصل في هذه الأيام العشر، ففيها تؤدَّى أهمُّ أعمال فريضة الحجِّ، وفيها يوم عرفة الفضيل خير أيام السَّنَة، والحج عبادة مالية بدنية، وصيام يوم عرفة عبادة بدنية، وفيها ذبح الأضاحي والهدي والصدقات وهي قُربات ماليَّة، ثم هي أيام تكبير وتهليل وذِكر لله وتعظيمه، والذِّكر مِنْ أفضل الطاعات المرسلة، فلْيَهْنِ مَنْ تقرب فيها إلى الله بالأجر والمثوبة.

وينبغي للمسلم أنْ يستقبل هذه العشر بالتوبة النصوح مِنْ جميع الذنوب والمعاصي، والتخلص مِنْ مظالم العباد وحقوقهم، فإنَّ الله سبحانه حَثَّ على التوبة والإنابة، ولا شكَّ أنَّ أيام العشر مِنْ ذي الحجة مِنْ أولى الأيام التي تُطلب فيها التوبة والإنابة؛ لما يُرجى فيها مِنْ قبول التوبة بإذن الله. وإذا كانت التوبة واجبة في الأزمان كلها فهي في الأيام الفضيلة أوْجَب قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾[التحريم:8]، وقال سبحانه: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[النور:31].

2- الأعمال التي تُشرع في عشر ذي الحجة

مِن المعلوم أنَّ الزمن لا يَشرف إلا بما يكون فيه مِنْ طاعة الله، فخَيْر أيام العبد ما كثرت فيه طاعته، وقَلَّت فيه معصيته، فالطاعة هي المـُشَرِّفة للزمان والمكان، فأيّما زمان أو مكان شاعتْ فَضيلته، وجزلت مثوبته فإنَّما كان ذلك بما شَرَع الله فيها مِنْ عبادات ورغائب، تسمو به على سائر الأزمنة. وقد شرَع الله كثيرًا مِن الأعمال والقربات في هذه الأيَّام منْها:

أولًا: أداء مناسك الحج والعمرة، فالحجُّ والعمرة يجِبان في العمر مرَّة واحدة، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾[آل عمران:97]، ويسنُّ الإكثار منْهما، وقد جاء في فضلهما أحاديث كثيرة، منْها حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:  «العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ»([4]).

وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تابِعوا بينَ الحجِّ والعُمرةِ؛ فإنَّهما يَنفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ كما يَنفي الكيرُ خبَثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ، وليسَ للحَجَّةِ المبرورةِ ثَوابٌ إلَّا الجنَّةُ»([5]). فأيُّ شيء أجزل خيرًا مِنْ هذا؟!

وفي أيام العشر تكون أعظم أعمال الحج، وقد رغَّب الله فيه أيّما ترغيب، ووعد بالثواب الجزيل لمنْ والى بين الحج والعمرة على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.

ثانيًا: كثرة ذكر الله مطلقًا، فيستحبُّ الإكثار منْه لا سيما التكبير والتحميد والتهليل، وإظهار ذلك وإشاعته والجهر به للرجال، وتُخافِتُ النساء بالذكر؛ لقول الله عز وجل: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾[الحج:27-28]، والأيام المعلومات هي العشر مِنْ ذي الحجة؛ لما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه قال: "الأيَّامُ المعلوماتُ: أيَّامُ العشرُ، والأيَّامُ المعدوداتُ: أيَّامُ التَّشريقِ"([6]). وروى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما من أيَّامٍ أعظَمُ عندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه العَمَلُ فيهِنَّ من هذه الأيَّامِ العَشْرِ؛ فأكْثِروا فيهِنَّ من التَّهْليلِ والتَّكْبيرِ والتَّحْميدِ»([7]).

والتكبير ينقسم إلى قسمين:

الأول: تكبير مطلق: وهو الذي لا يتقيد بشيء، فيُسَنّ دائمًا، في الصباح والمساء، قبل الصلاة وبعد الصلاة، وفي كل وقت ومكان يجوز ذكر الله فيه. ويجهر به الرجل، وتُسِّر به المرأة أمام الرجال الأجانب. ويبدأ وقته في عشر ذي الحجة وسائر أيام التشريق مِنْ غروب شمس آخر يوم مِنْ شهر ذي القعدة إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر مِنْ شهر ذي الحجة وهو آخر أيام التشريق، وذلك للأدلة الآتية:

1- الآيتان السابقتان مع تفسير ابن عباس رضي الله عنهما.

2- حديث ابن عمر السابق.

3- أنَّ ابن عمر وأبا هريرة -رضي الله عنهما- كانَا يَخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما([8]).

الثاني: تكبير مقيد: وهو الذي يتقيد بأدبار الصلوات، ويبدأ وقته لغير الحاج مِنْ فجر يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق، أمَّا الحاج فيبدأ التكبير المقيد في حقه مِنْ ظهر يوم النحر؛ وذلك للأدلة الآتية:

1- عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "أَنَّهُ ‌كَانَ ‌يُكَبِّرُ ‌دُبُر ‌صَلَاةِ ‌الْغَدَاةِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ ‌أيّامِ ‌التَّشريقِ"([9]).

2- عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أَنَّهُ ‌كَانَ ‌يُكَبِّرُ ‌بِمِنًى ‌تِلْكَ ‌الْأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي فُسْطَاطِهِ، وَمَجْلِسِهِ، وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا"([10]).

3- قال النووي: "‌وَأَمَّا ‌التَّكْبِيرُ ‌الْمُقَيَّدُ ‌فَيُشْرَعُ ‌فِي ‌عِيدِ ‌الْأَضْحَى ‌بِلَا ‌خِلَافٍ؛ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ"([11]).

والصحيح أنَّ التكبير المقيد يُستحب للرجال والنساء بعد الصلوات المفروضة، سواء صلى في جماعة، أو منفردًا. فإذا سَلَّم مِن الفريضة واستغفر ثلاثًا وقال: «‌اللَّهُمَّ ‌أَنْتَ ‌السَّلَامُ، ‌وَمِنْكَ ‌السَّلَامُ، ‌تَبَارَكْتَ ‌يَا ‌ذَا ‌الْجَلَالِ ‌وَالْإِكْرَامِ»([12]) بدأ بالتكبير.

صيغة التكبير:

لا تلزم في التكبير صيغة معينة، بل الأمر في ذلك واسع، وأفضل صيغهِ ما أُثر عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "‌أَنَّهُ ‌كَانَ ‌يُكَبِّرُ ‌أَيَّامَ ‌التَّشْرِيقِ: ‌اللَّهُ ‌أَكْبَرُ، ‌اللَّهُ ‌أَكْبَرُ، ‌لَا ‌إِلَهَ ‌إِلَّا ‌اللَّهُ، ‌وَاللَّهُ ‌أَكْبَرُ، ‌اللَّهُ ‌أَكْبَرُ، ‌وَلِلَّهِ ‌الْحَمْدُ"([13]).

وقد هُجِر التكبير في هذا الزمان -خاصة في أوّل العشر- فلا تكاد تسمعه إلا نادرًا، فلنحرص على العمل به في مواضعه؛ لإحياء السُّنَّة، وتذكير الغافلين.

وينبغي أنْ يكبر كل واحد بمفرده، وأمَّا التكبير الجماعي بصوت واحد أو يكبر شخص ثم ترد المجموعة خلفه فلا يجوز؛ لعدم ورود ذلك في الشريعة؛ والعبادات توقيفية مبناها على الاتباع لا على الابتداع.

ثالثًا: صوم يوم عرفة والأيام الثمانية قبله، فقد تقدَّم أنَّ يوم عرفة خير الأيام وأعظمها أجرًا؛ وهو ركن الحج الأعظم، وأنَّ الله -عز وجل- يدنو مِنْ عباده في هذا اليوم فيباهي بأهل الموقف ملائكته والملأ الأعلى، فيغفر ذنوبهم، ويستجيب دعاءهم، ولذلك يشرع في هذا اليوم للحاج وغير الحاج كثرة الذكر والدعاء والإنابة إلى المولى عز وجل، وأمَّا صيام هذا اليوم فلا يستحب في حق الحاج، تأسِّيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رسول الله أسوة حسنة، فعن أم الفضل بنت الحارث رضي الله عنها  «أَنَّ ‌نَاسًا ‌اخْتَلَفُوا ‌عِنْدَهَا ‌يَوْمَ ‌عَرَفَةَ ‌فِي ‌صَوْمِ ‌النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ؛ فَشَرِبَهُ»([14]).

أمَّا غير الحاج فيسن له الصيام؛ لما في ذلك مِن الأجر العظيم؛ فعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئِل عن صوم يوم عرفة؛ فقال: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ»([15]).

ويستحب صيام التسع كلها استدلالًا بما سبق مِن الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا ‌مِنْ ‌أَيَّامٍ ‌العَمَلُ ‌الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ»([16])، فالحديث عام في كل عمل صالح، والصيام مِنْ أفضل الأعمال الصالحة، وأحبها إلى الله.

وقد جاء عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان «‌يَصُومُ ‌تِسْعَ ‌ذِي ‌الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ: أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ وَالْخَمِيسَ»([17]).

رابعًا: أداء صلاة العيد، فقد شرع الله في هذه العشر مِن القُرَبِ صلاة العيد التي تكون في عاشره، حثَّ الله عباده على أدائها في جماعة المسلمين، وأمر بحضورها مَنْ لا صلاة عليه مِنْ المسلمين؛ كالحائض والنفساء، وغيرهن، فعن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى. ‌الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ. فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ»([18]).

ففي الأمر بخروج النساء لها حتى الحيَّض منْهن؛ دليل أكيد على فضل هذه الصلاة وعظم شأنها عند الله، إذ هو مظهر مِنْ مظاهر شكر الله -تعالى- على ما يَسَّر مِنْ عبادته وطاعته في تلك الأيام.

خامسًا: ذبح الأضحيةُ التي هي سُنَّة نبي الله وخليله إبراهيم، إذ ابتلاه ربُّه لما أمره بذبح ابنه فصبر وأطاع، فأبدله الله به خيرًا، وَفَدَى ابنه بذبح عظيم، وترَكَها سُنَّة باقية إلى يوم يبعثون، أحياها الله بنبيِّنا -صلى الله عليه وسلم-، ففي حديث أنس -رضي الله عنه- قال: «ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا»([19]).

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وجَدَ سَعةً فلَمْ يُضَحِّ؛ فَلا يَقْرَبَنَّ مُصلَّانا»([20]).

ثم إنه يحرم على مَنْ أراد الأضحية أخذ شيء من شعره أو أظفاره أو بشرته إذا دخل شهر ذي الحجة حتَّى يذبح أضحيته؛ لحديث أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا، حَتَّى يُضَحِّيَ». وفي رواية: «فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»([21]).

ووجوب الإمساك عن أخذ الشعر والظفر والبشرة يشمل مَن نوى الأضحية عن نفسه أو تبرع بها عن غيره، ولا يشمل من يُضَحَى عنهم من أفراد الأُسرة، ولا مَنْ ضَحى بوكالة أو وصية عنْ غيره ممنْ ترك مالًا لأضحيته.

ثم اعلم يا عبد الله أنَّ عموم الحديث المذكور سَلَفًا حاضٌّ على الاستكثار مِن الأعمال الصالحة، ولا سبيل إلى حصر العمل الصالح؛ فيكتَفى بالإشارة في ذلك، وهذا ما وَسِعَني التذكير به الآن، صوابه مِن الله، وخطأه مني ومِن الشيطان، واللهَ أسأل أنْ يُبارك لنا في أيامنا كلها، ويقربنا فيها إليه عز وجل، والحمد لله في البدء والختام، والصلاة والسلام على نبيّنا سيد الأنام، وعلى آله وصحابته أجمعين.

 

 

 

حكم التكبير في عشر ذي الحجة وأيام التشريق وأقسامه ووقته

يُسَنُّ التكبير في أيام عشر ذي الحجة وعيد الأضحى وأيام التشريق، والتكبير ينقسم إلى قسمين:

الأول: تكبير مطلق: وهو الذي لا يتقيد بشيء، فيُسن دائمًا، في الصباح والمساء، قبل الصلاة وبعد الصلاة، وفي كل وقت ومكان يجوز ذكر الله فيه. ويجهر به الرجل، وتُسِرّ به المرأة أمام الرجال الأجانب. ويبدأ وقته في عشر ذي الحجة وسائر أيام التشريق؛ من غروب شمس آخر يوم من شهر ذي القعدة إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة وهو آخر أيام التشريق، وذلك للأدلة الآتية:

1- قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾[البقرة:203].

2- قوله تعالى: ﴿لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾[الحج:28].

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه قال: "الأيَّامُ المعلوماتُ: أيَّامُ العشرُ، والأيَّامُ المعدوداتُ: أيَّامُ التَّشريقِ"([22]).

3- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما مِنْ أيَّامٍ أعظَمُ عندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه العَمَلُ فيهِنَّ مِنْ هذه الأيَّامِ العَشْرِ؛ فأكْثِروا فيهِنَّ مِنْ التَّهْليلِ والتَّكْبيرِ والتَّحْميدِ»([23]).

4- أنَّ ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانَا "يَخْرُجَانِ ‌إِلَى ‌السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا"([24]).

الثاني: تكبير مقيد: وهو الذي يتقيد بأدبار الصلوات، ويبدأ وقته لغير الحاج مِنْ فجر يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق، أمَّا الحاج فيبدأ التكبير المقيد في حَقِّه مِنْ ظهر يوم النحر؛ وذلك للأدلة الآتية:

1- عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "أَنَّهُ ‌كَانَ ‌يُكَبِّرُ ‌دُبُر ‌صَلَاةِ ‌الْغَدَاةِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ ‌أيّامِ ‌التَّشريقِ"([25]).

2- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه كان "يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الْأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي ‌فُسْطَاطِهِ، وَمَجْلِسِهِ، وَمَمْشَاهُ، تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا"([26]).

3- قال النووي: "وَأَمَّا ‌التَّكْبِيرُ ‌الْمُقَيَّدُ ‌فَيُشْرَعُ ‌فِي ‌عِيدِ ‌الْأَضْحَى ‌بِلَا ‌خِلَافٍ؛ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ"([27]).

والصحيح: أنَّ التكبير المقيد يستحب للرجال والنساء بعد الصلوات المفروضة، سواء صلى في جماعة، أو منفردًا. فإذا سَلَّم مِن الفريضة واستغفر ثلاثًا وقال: «‌اللَّهُمَّ ‌أَنْتَ ‌السَّلَامُ، ‌وَمِنْكَ ‌السَّلَامُ، ‌تَبَارَكْتَ ‌يَا ‌ذَا ‌الْجَلَالِ ‌وَالْإِكْرَامِ»([28]) بدأ بالتكبير.

صيغة التكبير:

لا تلزم في التكبير صيغة معينة، بل الأمر في ذلك واسع، وأفضل صيغهِ ما أُثر عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "أَنَّهُ ‌كَانَ ‌يُكَبِّرُ ‌أَيَّامَ ‌التَّشْرِيقِ: ‌اللَّهُ ‌أَكْبَرُ، ‌اللَّهُ ‌أَكْبَرُ، ‌لَا ‌إِلَهَ ‌إِلَّا ‌اللَّهُ، ‌وَاللَّهُ ‌أَكْبَرُ، ‌اللَّهُ ‌أَكْبَرُ، ‌وَلِلَّهِ ‌الْحَمْدُ"([29]).

وقد هُجِر التكبير في هذا الزمان -خاصة في أول العشر- فلا تكاد تسمعه إلا نادرًا، فلنحرص على العمل به في مواضعه لإحياء السُّنَّة وتذكير الغافلين.

وينبغي أنْ يُكَبِّر كل واحد بمفرده، وأمَّا التكبير الجماعي بصوت واحد أو يكبر شخص ثم ترد المجموعة خلفه فلا يجوز؛ لعدم ورود ذلك في الشريعة، والعبادات توقيفية مبناها على الاتباع لا على الابتداع.

 

 

 

الإشارات المغنية في أحكام الأضحية

الحمد لله الذي شَرَع لعباده التَّقَرُّب إليه بذبح القربان، وقَرَن النَّحر بالصلاة في محكم القرآن، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والامتنان، وأشهد أنَّ سيدنا محمدًا عبده ورسوله أفضل مَنْ قام بشرائع الإسلام وحقق الإيمان، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومَنْ تبعهم بإحسان، وسَلَّم تسليمًا.

أمَّا بعد: فإنَّ مِنْ شعائر الإسلام التضحيَة بذبيحة في عيد ذي الحجَّة المعروف بعيد الأضحى، ومقتضى ذلك أن يُلِمَّ المسلمُ بأحكام الأضحيَة؛ حتَّى يجري عمله على بصيرة مِنْ أمره.

وفي هذا المقال بيانٌ مختصر لأبرز المسائل المتعلقة بالأضحية، التي لا يسع المكلف جهلها، وذلك على النحو الآتي:

أولًا: الأضحية هي ما يذبح مِنْ بهيمة الأنعام أيام عيد الأضحى؛ بسبب العيد، تقربًا إلى الله عز وجل.

ثانيًا: ذبح الأضحية سُنَّة أبينا إبراهيم الخليل -عليه السلام- حينما أُمر بذبح ابنه؛ فامتثل لأمر ربه -عز وجل- وسلَّم وانقاد، لكن الله -سبحانه بلطفه ورحمته- فداه بذبح عظيم.

كما أنها سُنَّة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: «ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا»([30]).

وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنَّها سُنَّة مؤكدة؛ استدلالًا بالحديث السابق([31]).

ثالثًا: تجزئ الأضحية الواحدة مِن الغنم عن الرجل وأهل بيته، ومَنْ نوى إدخاله مِن المسلمين؛ لِمَا جاء عن عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند ذبح أضحيته: «باسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِن مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» ([32]).

رابعًا: الأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء، كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يُضَحّون عن أنفسهم وأهليهم.

وأمَّا الأضحية عن الأموات فعلى ثلاثة أقسام:

الأول: أنْ يُضحى عنهم تبعًا للأحياء، فيضحي الرجل عَنْه وعن أهل بيته الأحياء والأموات، فهذه مشروعة؛ لِمَا جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه ضحى عَنْه وعن أهل بيته، وفيهم مَنْ قد مات مِنْ قبل.

الثاني: أنْ يضحي عن الأموات بمقتضى وصاياهم التي تركوا لها مالًا أو أوقافهم، فهذه يجب تنفيذها؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة:181].

الثالث: أنْ يضحي عن الأموات تبرعًا، مستقلين عن الأحياء، فهذه جائزة؛ لأنَّها مِنْ باب إهداء ثواب القرب، كالحج والصدقة عنهم، لكنها ليست مِن السنة؛ لأنَّ الشارع لم يحث عليها.

خامسًا: يشترط للأضحية أربعة شروط لا تجزئ إلا بها:

الشرط الأول: أنْ تكون الأضحية مِنْ بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم -ضأنها وماعزها-؛ لقوله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الاْنْعَـمِ فَإِلَـهُكُمْ إِلَـهٌ وَحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ﴾[الحج:34]. أمَّا التضحية بغير بهيمة الأنعام كالدواجن فلا تجزئ؛ لعدم ورود ذلك في الشرع.

الشرط الثاني: أنْ تكون الأضحية قد بلغت السِّنَّ المعتبرَ شرعًا، وهو خمس سنين في الإبل، وسنتان في البقر، وسنة في المعز، ونصف سنة في الضأن؛ لما جاء عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ»([33]).

الشرط الثالث: أنْ تكون الأضحية سليمة من العيوب التي تمنع الإجزاء، ومنها ما بَيَّنَه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «أربعٌ لا تُجزئُ في الأضاحيِّ: العَوراءُ البيِّنُ عوَرُها، والمريضةُ البيِّنُ مرضُها، والعَرجاءُ البيِّنُ ظَلعُها، والكسيرةُ الَّتي لا تُنقي»([34]). ومعني لا تُنقي: أي لا مخ لها؛ لضعفها وهُزالها.

ويُلحق بهذه الأربع ما كان مثلها أو أولى منها بعدم الإجزاء. ويجزئ الخصي؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ضحى بكبشين موجوءين، والوجأ: رض الخصيتين. وما قطعت خصيتاه أو شلتا فهو كالموجوء؛ لأنَّه في معناه.

الشرط الرابع: أنْ يذبح الأضحية في الوقت المحدَّد شرعًا، وذلك مِنْ بعد صلاة العيد يوم الأضحى إلى غروب شمس آخر يوم مِنْ أيام التشريق، وأيام التشريق ثلاثة بعد يوم العيد، فتكون أيام الذبح أربعة، فعن جندب بن سفيان البجلي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا، وَمَن لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ علَى اسْمِ اللَّهِ»([35]).

والأفضل أنْ يُبَادِر المسلم بذبح أضحيته بعد صلاة العيد مُباشرة؛ لحديث البَرَاء بن عازِب -رضي الله عنه- قال: خَطَبَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَ: «إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنَا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ فمَن فَعَلَ ذلكَ فقَدْ أصَابَ سُنَّتَنَا، ومَن ذَبَحَ قَبْلَ أنْ يُصَلِّيَ، فإنَّما هو لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأهْلِهِ ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ»([36]). ويجوز الذبح نهارًا وليلًا، ولكن نهارًا أولى.

سادسًا: الأفضل مِن الأضاحي جنسًا: الإبل ثم البقر-إنْ ضحى بهما كاملة-، ثم الضأن، ثم المعز، ثم سبع البدنة، ثم سبع البقرة.

والأفضل منها صفة: الأسمن الأكثر لحمًا الأكمل خِلْقَةً الأحسن منظرًا.

سابعًا: يحرم على مَنْ أراد الأضحية أخذ شيء من شعره أو أظفاره أو بشرته إذا دخل شهر ذي الحجة حتَّى يذبح أضحيته؛ لحديث أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا، حَتَّى يُضَحِّيَ». وفي رواية: «فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»([37]).

ووجوب الإمساك عن أخذ الشعر والظفر والبشرة يشمل مَن نوى الأضحية عن نفسه أو تبرع بها عن غيره، ولا يشمل من يُضَحَى عنهم من أفراد الأُسرة، ولا مَنْ ضَحى بوكالة أو وصية عنْ غيره ممنْ ترك مالًا لأضحيته.

ولا يُسَمَّى الإمساك عن أخذ الشعر والظفر والبشرة إحرامًا، وإنما المحرم هو الذي يحرم بالحج أو العمرة، أو بهما معًا.

ومَنْ أخذ شيئًا مِنْ شعره أو أظفاره أو بشرته ممَّنْ أراد التضحية أثم، ولكن لا تلزمه فدية، ولا تسقط عنْه الأضحية، والواجب عليه التوبة والاستغفار.

ثامنًا: ينبغي الإحسان في الذبح بحدِ السكين، وإراحة الذبيحة والرِّفق بها، وإضجاعها على جنبها الأيسر.

تاسعًا: يُسَنُّ أنْ يتولى ذبح أضحيته بنفسه، أو يحضرها عند الذبح، ولا يُعطي الجزَّار أجرته منها شيئًا، أمَّا إعطاؤه على سبيل الهبة أو الصدقة فلا بأس، ويجوز له الانتفاع بجلدها دون بيعه أو شيء منْه.

عاشرًا: يُسَنّ للمضحي أنْ يأكل مِنْ أضحيته، ويُهدي، ويتصدق، ويجوز ادخار لحم الأضحية؛ لحديث سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «كُلُوا وأَطْعِمُوا وادَّخِرُوا»([38]). والإطعام يشمل الهدية للأغنياء، والصدقة على الفقراء، ويجوز إطعام الكافر منها.

 

حكم قص الشعر والظفر والبشرة للمضحي

يحرم على مَنْ أراد الأضحية أخذ شيء من شعره أو أظفاره أو بشرته إذا دخل شهر ذي الحجة حتَّى يذبح أضحيته؛ لحديث أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا، حَتَّى يُضَحِّيَ». وفي رواية: «فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»([39]).

ووجوب الإمساك عن أخذ الشعر والظفر والبشرة يشمل مَن نوى الأضحية عن نفسه أو تبرع بها عن غيره، ولا يشمل من يُضَحَى عنهم من أفراد الأُسرة، ولا مَنْ ضَحى بوكالة أو وصية عنْ غيره ممنْ ترك مالًا لأضحيته.

ولا يسمى ذلك إحرامًا، وإنما المحرم هو الذي يحرم بالحج أو العمرة أو بهما معًا.

ومن أخذ شيئًا مِن شعره أو أظفاره أو بشرته ممن أراد التضحية فلا يلزمه فدية، ولا تسقط عنه الأضحية، والواجب عليه التوبة والاستغفار.

متى يجوز الحلق وتقليم الأظفار لمن كانت له أضحيتان؟

إذا كان للإنسان بَيْتَان مُسْتَقِلَّان، وأراد أنْ يُضَحِّي لكل بيت بأُضْحِيَة، فإنَّه يَجُوز له أنْ يأخُذ مِنْ شعره وأظفاره بعد ذبح الأُضْحية الأولى؛ لأنَّ المشروع أُضحية واحدة، وما زاد عليها فزيادة في الخير؛ ولهذا فإذا ذَبَح الأُضحية الأولى جاز له أنْ يُقصِّر وأنْ يَحلِق ويُقلِّم.

 

 

التذكير بما في يوم عرفة من الخير الكثير

أوصيك أخي الحاج باستغلال يوم عرفة خير استغلال، وعدم الانشغال بما لا فائدة فيه؛ فيوم عرفة يوم عظيم وأوقاته ثمينة ودقائقه عزيزة، فإن الله ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل عرفة الملائكة، فيغفر لهم ذنوبهم ولمن شفعوا له، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟»([40]).

فرتب وقتك فيه، وفرغ نفسك للطاعة خاصة من بعد الزوال إلى غروب الشمس، أشغله بالدعاء والتهليل والتكبير والتلبية والذكر وقراءة القرآن، فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة.

وأما غير الحاج فإن فاتك الوقوف بعرفة؛ فلم يفتك الصيام الذي «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ، وَالْبَاقِيَةَ»([41])، وكذا الدعاء والتكبير والتهليل والذكر وقراءة القرآن، فلا تحرم نفسك الخيرَ العميم والثوابَ العظيم.

واحذروا إخواني من الملهيات والصوارف والشواغل خاصة في هذا اليوم؛ فإن من الحرمان البالغ التخلفَ عن ركْب المسارعين إلى استغلال مواسم الخير.

 

 

 

هل فضل عرفة يختص بأهل عرفة؟

 إنَّ من الأَزْمِنَة العظيمة القَدْر الكثيرة الأجر يومَ عرفة، فهو أحد أيام الأَشهُر الحُرم، وأحد أيام أشهُر الحَجّ، وأحد الأيام المعلومات التي أَثْنى الله عليها، وأحد أيام الليالي العشر التي أقسم الله بها؛ مُنَبِّهًا على عِظَم فَضْلها، وعُلوِّ قَدْرِها، وأحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها مِنْ أيَّام السَّنَة، يُسْتَحَبّ صومه لغير الحاج، وهو يوم دعاء، ومغفرة، وعِتْق مِن النَّار. وذهب بعض العلماء إلى عدم اختصاص ذلك بالحجاج دون غيرهم، قال الحافظ ابن رجب: "يوم عرفة هو يوم العِتْق مِن النار، فيعتق الله فيه مِن النار مَنْ وَقَف بعرفة ومَنْ لم يَقِف بها مِنْ أهل الأمصار مِن المسلمين"([42]).

وقال العلَّامة الشيخ د. صالح الفوزان: "الدعاء يوم عرفة عام للحُجَّاج وغيرهم، لكن الحجاج على وجه أخص؛ لأنَّهم في مكان فاضل، وهم متلبسون بالإحرام وواقفون بعرفة، فهم يتأكد الدعاء في حقهم، والفضل في حقهم أكثر مِنْ غير الحُجَّاج، وأمَّا بقية الناس الذين لم يحجوا فإنَّهم يشرع لهم الدعاء والاجتهاد بالدعاء في هذا اليوم؛ ليشاركوا إخوانهم الحجاج في هذا الفضل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»([43])".

ومما ينبغي التَّنْبِيه عليه، والتحذير مِنْه: التعريف عشية عرفة بالأمصار، وهو اجتماع الناس آخر نهار يوم عرفة في المساجد على الذكر والدعاء؛ تشبهًا بأهل عرفة، فهذا مِن البِدَع التي يجب الابتعاد عنها، والاقتصار على المشروع، قال الشيخ محمد بن عثيمين: "والتعريف عشية عرفة بالأمصار: أنَّهم يجتمعون آخر النهار في المساجد على الذكر والدعاء؛ تَشَبُّهًا بأهل عرفة. والصحيح: أنَّ هذا فيه بأس، وأنَّه مِن البدع، وهذا إنْ صح عن ابن عباس؛ فَلَعَلَّه على نطاق ضيق مع أهله وهو صائم في ذلك اليوم، ودعاء الصائم حَرِيّ بالإجابة، فَلَعَلَّه جمع أهله وَدَعَا عند غروب الشمس. وأمَّا أنْ يُفْعَل بالمساجد وَيُظْهَر وَيُعْلَن، فلا شك أنَّ هذا مِن البدع؛ لأنَّه لو كان خيرًا لسبقونا إليه، أي: الصحابة -رضي الله عنهم-"([44]).

 

 

 

مختصر سنن عيد الأضحى

‏1- الغسل قبل الصلاة

‏2- التطيب والتجمل ولبس أحسن الثياب، وتبتعد المرأة عند الاختلاط بالرجال الأجانب.

‏3- أن يؤخر الأكل إلى بعد الصلاة ليبدأ الأكل من أضحيته.

4- كثرة الذكر، ومنه: التكبير.

‏5- الذهاب مشيًا للمصلَى.

6- أداء صلاة العيد.

‏7- الذهاب لمصلى العيد من طريق، والرجوع من طريق آخر.

8- ذبح الأضحية.

9- التهنئة بالعيد مباحة.

‏10- إظهار الفرح.

 

 

 

تنبيه الغافل عن ما في يوم النحر من الفضائل

يهتم كثير مِن المسلمين بالأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة؛ لما فيها مِن الثواب العظيم.

لكنَّ أكثرهم يغفلون عن يوم النحر؛ يوم عيد الأضحى الذي هو أعظم أيامها، بل أعظم أيَّام الدنيا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «أَعْظَمُ ‌الْأَيَّامِ ‌عِنْدَ ‌اللهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ»([45]).

ويوم النحر هو يوم الحَجّ الأكبر، يُؤَدِّي فيه الحُجَّاج أعظم مناسك الحج: مِنْ رَمْي، وَنَحْر، وَحَلْق، وَطَوَاف، وَسَعْي، وهو يوم العَجّ والثَّجّ، وهو خاتمة الأيام المعلومات: أيام عشر ذي الحجة، وهو يوم تَقَرُّب إلى الله -تعالى- بأنواع القُربات: مِنْ ذَبْح للأضاحي، وَذِكْر الله -تعالى- بالتكبير وغيره، وهو يوم مَدّ يد السخاء بالعطاء للأقارب والأصدقاء والمحتاجين، وهو يوم شُكر لله تعالى.

فاجتهدوا فيه بالأعمال الصالحات غير الصيام؛ فإنَّه يحرم فيه، والسعيد مَنْ بادَر بالطاعات، قبل حُلُول الممات.

 

 

 

حكم صوم يومي عيد الفطر والأضحى وأيام التشريق

يحرم صوم يومي عيد الفطر وعيد الأضحى، لما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صَوْمِ يَومِ الفِطْرِ والنَّحْرِ»([46])، ولإجماع العلماء على ذلك.

كما يحرم صيام أيام التشريق وهي الأيام الثلاثة بعد يوم عيد الأضحى (الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، من شهر ذي الحجة)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ»، وفي رواية: زاد فيه «وَذِكْرٍ لِلَّهِ»([47]).

لكن يجوز صوم أيام التشريق للحاج الذي لم يجد الهدي، فعن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم قالا: "لَمْ يُرَخَّصْ في أيَّامِ التَّشْرِيقِ أنْ يُصَمْنَ، إلَّا لِمَن لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ"([48]).

 وعليه فمن كان معتادا أن يصوم الأيام البيض من كل شهر فليترك صوم اليوم الأول منها وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة؛ لأنه من أيام التشريق، وليصم ثلاثة أيام بعده.

 

 

 

سُنِّيَة المُبادَرة بذبح الأُضحية بعد صلاة العيد مباشرة

 الأُضْحِيَة إحدى شعائر الإسلام المشروعة المُجْمَع عليها، يَتَقَرَّب بها المُسلمون إلى الله، ويبدأ وقت ذبح الأُضحية مِنْ بعد صلاة عيد الأضحى، وينتهي بغروب الشمس مِنْ اليوم الثالث عشر مِنْ شهر ذي الحجة.

ومِن السُّنَّة أنْ يُبَادِر المسلم بذبح أضحيته بعد صلاة العيد مُباشرة؛ لحديث البَرَاء بن عازِب -رضي الله عنه- قال: خَطَبَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَ: «إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنَا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ فمَن فَعَلَ ذلكَ فقَدْ أصَابَ سُنَّتَنَا، ومَن ذَبَحَ قَبْلَ أنْ يُصَلِّيَ، فإنَّما هو لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأهْلِهِ ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ»([49]).

 

إجزاء الأضحية الواحدة عن الرجل وأهل بيته، والزجر عن التباهي بها

 تُجزِئ الأُضحية الواحدة عن الرجل وأهل بيته ولو كَثُر عددهم؛ وذلك لِمَا جاء عن عطاء بن يسار قال: «سألتُ أَبا أَيّوب الأَنصارِيَّ كيفَ كانَتِ الضَّحايا على عَهْدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فقالَ: كان الرَّجُلُ يُضحِّي بالشَّاةِ عنْهُ وعنْ أَهلِ بيتِهِ، فيأْكلونَ وَيُطْعِمونَ، حتَّى تَباهَى النَّاسُ؛ فصارَتْ كَما تَرَى»([50]).

والحديث صريح في إجزاء الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته مهما كثروا.

ويدخل في أهل البيت الزوجة والأولاد والأقرباء الذين يَسكنون في البيت ويُنفق عليهم رب البيت، أو يَشتركون معه في النَّفَقَة.

وفي الحديث ذم ما يقع فيه -للأسف- بعض الناس، ألا وهو التَّبَاهي بالأضاحي والتَّفاخر بها، وهو مَضْيعة للعمل، وَمُنَافٍ للإخلاص، ولا يَقبل الله مِن العبد إلا ما كان خالصًا لِوَجْهِه، لا رياء فيه ولا سُمْعَة، قال تعالى: ﴿لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ﴾[الحج:37].

ويجوز أن يُضَحِّي بأكثر مِنْ واحدة إذا أخلص النية، ولكنّ الأفضل أنْ يُضَحِّي بواحدة عنْه وعن أهل بيته -كَمَا دَلَّتْ عليه السُّنَّة-.

 

 

 

 

 

أ.د. حمد بن محمد الهاجري

أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية

كلية الشريعة - بجامعة الكويت

 

 

 

 

 

([1]) أخرجه البزار في مسنده كما في كشف الأستار (2/27)، وصححه الألباني في صحيح الجامع وزيادته (1/253).

([2]) أخرجه البخاري (969)، والترمذي (757) واللفظ له.

([3]) رواه الدارمي في مسنده (2/113)، وقال محققه حسين أسد: إسناده صحيح.

([4]) متفق عليه: رواه البخاري (1773)، ومسلم (1349).

([5]) أخرجه الترمذي في الجامع (3/166)، والنسائي في سننه (5/115). وصححه الألباني في تحقيقه على مشكاة المصابيح (2524).

([6]) رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به (2/457 مع فتح الباري).

([7]) أخرجه أحمد في المسند (10/296) والطبراني في الدعاء ــ ص(272)، والبيهقي في الدعوات الكبير (2/155).

([8]) أخرجه البخاري تعليقًا مجزومًا به كما في الفتح (2/457)، ورواه موصولًا الفاكهي في "أخبار مكة" (1013)، وقال محققه ابن دهيش: إسناده حسن.

([9]) رواه ابن المنذر في الأوسط (2200)، والبيهقي (6496).

([10]) رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (970)، ورواه موصولًا ابن المنذر في الأوسط (4/344).

([11]) "المجموع" للنووي (5/32).

([12]) رواه مسلم (136).

([13]) رواه ابن أبي شيبة (5651)، وصححه الألباني في الإرواء (3/125).

([14]) متفق عليه: رواه البخاري (1988)، ومسلم (1123).

([15]) رواه ومسلم (1162).

([16]) رواه البخاري (٩٦٩)، والترمذي (757)، واللفظ له.

([17]) رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2437).

([18]) متفق عليه: رواه البخاري (981)، ومسلم (883).

([19]) متفق عليه: رواه البخاري (5565)، ومسلم (1966).

([20]) أخرجه الإمام أحمد في المسند (14/24)، والحاكم في المستدرك (4/258)، وصححه الألباني.

([21]) رواه مسلم (1977).

([22]) رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به (2/457 مع فتح الباري).

([23]) أخرجه أحمد في "المسند" (10/296)، والطبراني في "الدعاء" ص(272)، والبيهقي في "الدعوات الكبير" (2/155).

([24]) أخرجه البخاري تعليقًا مجزوما به كما في " الفتح" (2/457)، ورواه موصولًا الفاكهي في "أخبار مكة" (1013)، وقال محققه ابن دهيش: إسناده حسن.

([25]) رواه ابن المنذر في "الأوسط" (2200)، والبيهقي (6496).

([26]) رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (970)، ورواه موصولًا ابن المنذر في الأوسط (4/344).

([27]) "المجموع" للنووي (5/32).

([28]) رواه مسلم (136).

([29]) رواه ابن أبي شيبة (5651)، وصححه الألباني في الإرواء (3/125).

([30]) متفق عليه: رواه البخاري (5565)، ومسلم (1966).

([31]) ولِما جاء عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ ‌أَسِيدٍ، قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَمَا ‌يُضَحِّيَانِ عَنْ أَهْلِهِمَا؛ خَشْيَةَ أَنْ يُسْتَنَّ بِهِمَا". رواه الطبراني في المعجم الكبير (3058)، والبيهقي في السنن الكبير (19067)، واللفظ له، وصححه الألباني في إرواء الغليل (1139).

وما جاء عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "إِنِّي ‌لَأَدَعُ ‌الْأَضْحَى وَإِنِّي لَمُوسِرٌ؛ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى جِيرَانِي أَنَّهُ حَتْمٌ عَلَيَّ". رواه البيهقي في السنن الكبير (19070)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (1139).

وذهب الحنفية ورواية عن أحمد إلى أنَّها واجبة على المستطيع، واختاره ابن تيمية، وقواه ابن عثيمين.

ومن أدلتهم على الوجوب: ما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن وَجَدَ سَعةً فلم يُضَحِّ فلا يَقْرَبنَّ مُصَلَّانا" رواه أحمد (8273)، واللفظ له، وابن ماجه (2123)، والحاكم (7773) ، وصححه الألباني في التعليقات الرضية (126/3).

([32]) رواه مسلم (1967).

([33]) رواه مسلم (1963).

([34]) رواه أحمد (18675)، وأصحاب السنن: أبو داود (٢٨٠٢)، الترمذي (1497)، والنسائي (4371)، وابن ماجه (٣١٤٤)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (2562).

([35]) متفق عليه: رواه البخاري (985)، ومسلم (1960).

([36]) أخرجه البخاري (968) واللفظ له، ومسلم (1961).

([37]) رواه مسلم (1977).

([38]) رواه البخاري (5569).

([39]) رواه مسلم (1977).

([40]) رواه مسلم (1348).

([41]) رواه مسلم (1162).

([42]) "لطائف المعارف" لابن رجب (ص482)

([43]) رواه الترمذي (3585)، وحَسَّنَه الألباني في "صحيح الترمذي" (3/184).

([44]) "الشرح الممتع" لابن عثيمين (٥/٢٢٧).

([45]) أخرجه أحمد (19075)، وأبو داود (1765)، وصَحَّحَه الألباني في "صحيح الجامع الصغير" (1064).

([46]) رواه البخاري (1991).

([47]) رواه مسلم (1141).

([48]) رواه البخاري (1998).

([49]) أخرجه البخاري (968) واللفظ له، ومسلم (1961).

([50]) رواه الترمذي (1505)، وابن ماجه (3147)، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".


التعليقات

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

لقدوصلت للحدالاقصى

0 /