حكم الصوم في السفر
تاريخ النشر : 2021-03-04
عدد المشاهدات : 1104
مرات التحميل : 0
-
لا يوجد ملفات للتحميل
حكم الصوم في السفر([1])
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد: فإن المسافر في نهار رمضان مخيَّرٌ بين الصيام أو الفطر، سواءٌ أطالتْ مدةُ سفره أمْ قصُرتْ؛ وذلك لما يأتي:
1- عموم قوله -تعالى-: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾[البقرة:185].
2- حديث أنس بن مالكٍ -رضي الله عنه-، قال «كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ»([2]).
والأفضل للمسافر فِعلُ الأسهلِ عليه؛ من الصيام أو الفِطرِ، ويتضح ذلك من خلال الأحوال الأربعة الآتية:
الحال الأولى: أن يكون الصوم والفطر للمسافر سواء، فلا يجد مشقة زائدة في الصيام في السفر عن الحضر، فهذا الأفضل له: الصوم، ويجوز له الفطر؛ وذلك لما يأتي:
1- ما جاء عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ -رضي الله عنه-: أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ. فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ ﷺ: «هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ. وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ»([3]).
2- ما جاء عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه-، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَابْنِ رَوَاحَةَ»([4]).
3- لأنَه أسْرعُ في إبراء ذمته، كما أن صيامه معَ الناسِ أنشط له.
الحال الثانية: أن يجد المسافر مشقة في الصوم، فهذا الأفضل له الفطر، ويكره له الصوم؛ لما جاء عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا، وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ: لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ»([5]).
الحال الثالثة: أن يجد المسافر في الصوم مشقةً شديدةً أو ضرراً، فهذا يجب عليه الفطر، ويحرم عليه الصوم؛ لحديث عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما-؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ. فَصَامَ، حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ. فَصَامَ النَّاسُ. ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ، فَرَفَعَهُ. حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ. ثُمَّ شَرِبَ. فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ. فَقَالَ: «أُولَئِكَ الْعُصَاةُ. أُولَئِكَ الْعُصَاةُ»([6]).
الحالة الرابعة: أنْ يُحَصِّل المسافر بالفطر زيادة عبادة أو مصلحة؛ كأن يتقوى به على الجهاد، أو على أداء العمرة، فالأفضل له الفطر، ويجوز له الصوم، لما جاء عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، قال: سَافَرْنَا مَعَ رسول الله ﷺ إلى مَكَّةَ وَنَحْنُ صِيَامٌ. قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ». فَكَانَتْ رُخْصَةً. فَمِنَّا مَنْ صَامَ، وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ. ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلًا آخَرَ. فَقَالَ: «إِنَّكُمْ مصبحوا عَدُوِّكُمْ. وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ، فَأَفْطِرُوا» وَكَانَتْ عَزْمَةً. فأفطرنا. ثم قال: رَأَيْتُنَا نَصُومُ، مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بعد ذلك، في السفر([7]).
([1]( انظر: مجموع فتاوى محمد العثيمين (19/30، 135).
([2]( رواه البخاري (1947) واللفظ له، ومسلم (1116) بلفظ: "غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِسِتَّ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ".
([3]( رواه مسلم (1121).
([4]( رواه البخاري (1945)، ومسلم رقم (1122).
([5]( رواه البخاري (1946) واللفظ له، ومسلم (1115).
([6]( رواه مسلم (1114).
([7]( رواه مسلم (1120).
مقالات مقترحة
فضل العشر الأواخر من رمضا...
يقدم ا.د حمد بن محمد الهاجرى مقال بعنوان فضل العشر الأواخر من رمضان
1706
0
إجزاء الأضحية الواحدة عن...
يقدم ا.د حمد بن محمد الهاجرى مقال بعنوان إجزاء الأضحية الواحدة عن الرجل وأهل...
893
5
شروط صحة رمي الجمار
يقدم ا.د حمد بن محمد الهاجرى مقال بعنوان شروط صحة رمي الجمار
1300
2
التعليقات
أضف تعليق