مختصر فضل العشر الأواخر من رمضان

تاريخ النشر : 2024-04-02

عدد المشاهدات : 326

مرات التحميل : 0

مشاركة


    لا يوجد ملفات للتحميل
أضف الى المفضلة

مختصر فضل العشر الأواخر من رمضان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فإن الله -عز وجل- فضَّل العشر الأواخر من رمضان، وجعل لها من المزايا ما تفضل به على غيرها، فأيام العشر أفضل أيام الشهر، ولياليه أفضل ليالي العام، "فكلّ زمان ‌فاضل من ليل أو نهار، فإن آخره ‌أفضل ‌من ‌أوّله"([1])، و"ليل رمضان أفضل من نهاره"([2]).

 ولذلك كان رسول الله ﷺ يحيي لياليها كلها بالطاعة، ويجتهد فيها بالعبادة وفعل الخير ما لا يجتهد في غيرها، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ‌يَجْتَهِدُ ‌فِي ‌الْعَشْرِ ‌الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ»([3])، وقالت عَائِشَةَ -رضي الله عنها-أيضا-: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الأواخر من رمضان أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد و‌شَدَّ المئزر»([4]).

وحسب هذه الليالي شرفاً ورفعةً وفضلاً أن الله اختصها بليلة القدر، والتي قال الله فيها: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾[القدر:3]، ومقدارها بالسنين ٨٣ سنة وأربعة أشهر، قال النخعي: "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر"، فعظَّم الله -سبحانه- قدر هذه الليلة وأعلى شأنها، وشرَّفها بإنزال الوحي المبين على سيد المرسلين ﷺ، و﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾[الدخان:4]، ويقدر فيها ما يكون في تلك السنة؛ بإذن العزيز العليم الحكيم، وتنزل فيها الملائكة من السماء، وتكثر فيها الخيرات والمصالح والنعماء.

فينبغي على المسلم أن يحقق في هذه العشر مفهوم العبودية لله -عز وجل- في حياته العامة والخاصة، ويحرص على تزكية نفسه، وإصلاح قلبه، والتزود من الخيرات، ومن أهم أعمال البر التي ينبغي الحرص عليها في العشر الأواخر:

1- قيام الليل مع إطالته قدر الاستطاعة؛ تحرّياً لليلة القدر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «‌مَنْ ‌قَامَ ‌لَيْلَةَ ‌الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»([5]). وقد أخفى الله -عز وجل- ليلة القدر؛ ليجتهد العباد في طلبها، ويُكثِروا من العبادة، فمَن قام العشر الأواخر -كلها- فقد قام ليلة القدر.

2- تلاوة القرآن: فشهر رمضان هو شهر القرآن، والإكثارِ من قراءته بتدبر وخشوع، وقد كان جبريل -عليه السلام- يلقى النبي ﷺ «كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ‌فَيُدَارِسُهُ ‌الْقُرْآنَ»([6]). فينبغي استغلال شهر رمضان -ولا سيما العشر الأواخر- في مدارسة القرآن ومذاكرته.

3- الاعتكاف: وهو من أجَلّ أعمال البر في العشر الأواخر، فعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ‌ثُمَّ ‌اعْتَكَفَ ‌أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ»([7]). ولا يصح الاعتكاف إلا في المساجد.

4- كثرة الدعاء: فالدعاء عبادة عظيمة؛ يغفل عنها كثير من الناس، وعَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً، لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، ‌وَذَلِكَ ‌كُلَّ ‌ليلة»([8]).

وأفضل ما يُدعى به في ليلة القدر: الدعاء المأثور الذي ورد في حديث عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ‌أَرَأَيْتَ ‌إِنْ ‌عَلِمْتُ ‌أَيُّ ‌لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»([9]).

5- الإنفاق في سبيل الله: فالإكثار من الصدقة مستحب في رمضان عامة، وخاصة الليالي؛ لما جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ‌أَجْوَدَ ‌النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ»([10]). ويتأكد ذلك في العشر الأواخر، فقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَكثُر اجتهاده ‌فِي ‌الْعَشْرِ ‌الْأَوَاخِرِ.

6- حث الأهل على العبادة والطاعة، وإعانتهم عليها؛ لما جاء عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ ‌شَدَّ ‌مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ»([11]).

 

([1]) لطائف المعارف، لابن رجب (ص314).

([2]) فتح الباري، لابن حجر (9/45).

([3]) رواه مسلم (١١٧٥).

([4]) سبق تخريجه.

([5]) رواه البخاري (1901).

([6]) رواه البخاري (٣٢٢٠).

([7]) رواه البخاري (٢٠٢٦)، ومسلم (١١٧٢).

([8]) رواه مسلم (٧٥٧).

([9]) رواه أحمد (٢٦٢١٤)، واﻟﺘﺮﻣﺬﻱ (٣٥١٣) وقال: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"، والنسائي في "الكبرى" (١٠٦٤٢)، والحاكم (١٩٤٢) وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ"، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (٣٣٨٩).

([10]) رواه البخاري (6) واللفظ له، ومسلم (٢٣٠٨).

([11]) رواه البخاري (٢٠٢٤) واللفظ له، ومسلم (١١٧٤).


التعليقات

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

لقدوصلت للحدالاقصى

0 /