رسالتي إلى عضو مجلس الأمة

Publish Date : 2021-02-16

Views: 1422

download: 0

Share


    There are no files to download
add to favourites

رسالتي إلى عضو مجلس الأمة

رسالتي إلى عضو مجلس الأمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فقد أسدل الستار على الانتخابات البرلمانية، واختار الشعب من يمثلهم في مجلس الأمة، وإنها للحظات سعيدة تلك التي أهنئ فيها جميع المواطنين على خروجهم من تلك الانتخابات بسلام وعافية، فلنحمد الله تعالى على نعمة الأمن والأمان، والعافية والمعافاة، ولنسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يكتب لنا جميعاً التوفيق والفلاح والتسديد والصلاح، وأن يحفظ لنا بلادنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 أخي النائب الكريم، أسأل الله تعالى أن يتولاك برعايته، ويحفظك بكلاءته، وأن يعينك على هذا المنصب، فتكون في دينك قويا، وفي أمانتك سليما، وفي أخلاقك نزيها. واعلم أن عون الله وتوفيقه أرجى للعبد من عمله.

إذا لم يكن عون من الله للفتى                    فأول ما يجني عليه اجتهاده.

هذا، وقد رأيت أنَّ من الواجب عليّ أن أسدي إليكم ـ معاشر أعضاء مجلس الأمة المنتخبين الموقرين- بعضا من النصائح الأخوية، والتوجيهات الشرعية، لعل الله تعالى أن ينفعني وإياكم بها، فأقول وبالله التوفيق:

أولًا: اعلم –أخي الكريم- أنك مبتلى بهذا المنصب؛ إذ إنه نوع من الولايات الكبرى، فأمره عظيم، وخطره جسيم، وهو محفوف بالمهالك، مليء بالتبعات، فكم زلت فيه من أقدام، ولحقه من ندامات وحسرات، تهرّب منه صالحون وهم عليه قادرون، وأحجم عنه أكفاء وهم له جديرون، تذكر دائما قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه، إذ قال له أبو ذر رضي الله عنه: يا رسول الله ألا تستعملنى؟  فضرب صلى الله عليه وسلم بيده على منكب أبي ذر، ثم قال:" يا أبا ذر، إنك ضعيف؛ وإنها أمانة؛ وإنها يوم القيامة خزى وندامة؛ إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها". رواه مسلم.

كيف لا يكون أمر الولاية بهذه المكانة وتلك الخطورة، وهي أمانة سوف تسأل عنها يوم القيامة، فاستعن بالله وتضرع إليه أن يرزقك خير هذا المنصب، وأن يقيك شره وفتنته.

ثانيًا: تذكر أن النظام الديمقراطي الذي يعني: حكم الشعب للشعب، مخالف لشرع الله، الذي يأمر بتحكيم شريعته، ويوصي بمشاورة أهل العلم والخبرة والشأن، قال الله تعالى: {نِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:40]، ويقول سبحانه: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة:50]، فنهانا الله عز وجل أن نحتكم إلى نظام غير شريعته، وقال عز وجل: {وأمرهم شورى بينهم} [الشورى:38].

وإنما أجاز بعض العلماء الدخول فيها لمن كان هدفه الإصلاح والمطالبة بتحكيم شريعة الله ونبذ ما خالفها، والسعي في دعم كل وسيلة شرعية تؤدي إليها، ومجانبة الموافقة عن كل ما يناقضها أو يقصيها.

ثالثًا: عليك بتقوى الله تعالى في السر والعلن، وليكن الصدق مطيتك، فالزمه في طرحك، وتجنب ضده ولا يقربك، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا تعد الناس شيئا وأنت لا تقدر عليه أو تعلم أنك لا تفعله. وإياك وأعراض إخوانك من أعضاء المجلس، أو من الوزراء، أو من غيرهم، فإنها محرمة عليك.

رابعًا: احفظ لولاة الأمر حقوقهم، وعليك بالسمع والطاعة بالمعروف، وبذل النصح لهم، بأسلوب شرعي رصين، وأدب مرعيّ ثمين.

خامسًا: لا تتردد في التصويت مع كل تشريع يصب في خدمة دين الله عز وجل، وفي مصلحة العباد والبلاد. وكن ضد كل تشريع يعارض ذلك ويخالفه. وإياك والغياب عن التصويت، لا سيما في القضايا المهمة، والجلسات الحاسمة. 

سادسًا: مارس دورك في الرقابة والمحاسبة بأمانة وصدق، باستخدام الوسائل المناسبة، والأدوات المتاحة، بعيدا عن التعسف والانتقام، والتشنج السياسي، والتكسب الشعبي.

سابعًا: احذر من أن تساعد في تفريق المجتمع، وتأزيم أوضاع البلد، ونشر حالة الفوضى من حيث لا تشعر؛ فتقع في متابعة الغوغاء أو النزول إلى الشارع والمظاهرات والاعتصامات، وتعطيل الأعمال والمصالح العامة، وإيقاد الفتن والنعرات الجاهلية، والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها. بل لتكن المصلحة العامة أهم شؤونك، وأغلى ما عندك، وأعلى من مصلحتك الشخصية.

ثامنًا: احذر أن تستغل نفوذك ومنصبك في باطل؛ فإنها أمانة وتكليف، وليس بمجد ولا تشريف. وتجنب أكل المال العام والرشوة فإنه سحت محرم.

وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم:" من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة". ثم قال عليه الصلاة والسلام:" من استعملناه منكم على عمل فليجئ بقليله وكثيره". رواه مسلم.

وقال عليه الصلاة والسلام:" من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول". رواه أبوداود، وصححه الألباني.

تاسعًا: تذكر أن ثقة الشعب بك - بعد الله جل وعلا - هي التي أوصلتك إلى هذا المنصب، فلا تخذلهم، والله الله في القيام بالمسؤولية خير قيام، وأن تكون قريباً منهم وتستمع إليهم، وتوصل أصواتهم إلى الحكومة، وتسعى جاهداً في تحقيق مطالبهم - التي لا تخالف الشرع -؛ فمكانتك منهم الآن كموقع الأب من الأسرة.

وليكن شعارك دائماً هو قوله تعالى:(إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكلت و إليه أنيب).

وكتبه

أخوكم/ أ.د. حمد بن محمد الهاجري

 كلية الشريعة والدراسات الإسلامية – جامعة الكويت

21/ربيع الآخر/1442هـ الموافق 6/12/2020م


Comments

no comments

Add Comment

You Have reached the limit

0 /