واجبات الحج وسننه

Publish Date : 2022-06-26

Views: 1193

download: 3

Share


add to favourites

مقالات الحج وعشر ذي الحجة (9)

واجبات الحج وسننه

المراد بواجبات الحج: ما لا يلزم مِن تركه بطلان الحج، ولكن يجب بتركه دم.

وواجبات الحج هي:

الواجب الأول: أن يكون الإحرام من الميقات:

والمواقيت: هي الأماكن التي حددها الشرع للإحرام، وهي خمسة:

1- ذو الحُلَيْفَة: وهو ميقات أهل المدينة ومَن مرَّ به مِن غير أهله. ويسمى الآن: أبيار عليّ.

2- الجُحْفَة: وهي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب، ومَن مرَّ بها مِن غير أهلها. وقد نقل الميقات مِن الجُحْفَة إلى رَابِغ.

3- قَرْن المَنازِل: وهو ميقات أهل نَجْد، ومَن مرَّ به مِن غير أهله. ويسمى الآن: السَّيْل الكَبِير.

4- يَلَمْلَم: وهو ميقات أهل اليمن، ومَن مرَّ به مِن غير أهله. ويسمى الآن: السَّعديّة.

5- ذات عِرْق: وهي ميقات أهل العراق وسائر أهل المشرق، ومَن مرَّ بها مِن غير أهلها.

ودل على ذلك:

1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقَّتَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، فَهُنَّ لهنَّ ولِمَن أتَى عليهنَّ، مِن غيرِ أهْلِهِنَّ مِمَّنْ كانَ يُرِيدُ الحَجَّ والعُمْرَةَ، فمَن كانَ دُونَهُنَّ، فَمِنْ أهْلِهِ حتَّى إنَّ أهْلَ مَكَّةَ يُهِلُّونَ منها»([1]).

2- حديث عائشة رضي الله عنها: «أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- وَقَّتَ لأهلِ العراقِ: ذاتَ عِرْقٍ»([2]).

الواجب الثاني: أن يبقى الحاج بعرفة إلى غروب الشمس:

يجب على الحاج أن يبقى واقفًا في عرفة حتى تغرب الشمس، ومن انصرف منها قبل الغروب أجزأه الوقوف ووجب عليه دم؛ لأنه ترك الواجب([3]).

الواجب الثالث: المبيت بمزدلفة:

المبيت بمزدلفة والبقاء فيها إلى طلوع الفجر واجب مِن واجبات الحج([4])؛لحديث جابر رضي الله عنه، وفيه: «...حتَّى أَتَى المُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بهَا المَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بأَذَانٍ وَاحِدٍ وإقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بيْنَهُما شيئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، وَصَلَّى الفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ له الصُّبْحُ، بأَذَانٍ وإقَامَةٍ »([5]).

ويجوز تقديم الضعفة والنساء ومرافقيهم قبل طلوع الفجر وبعد منتصف الليل([6])؛ لحديث عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لَيْلَةَ المُزْدَلِفَةِ، تَدْفَعُ قَبْلَهُ، وَقَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَكَانَتِ امْرَأَةً ثَبِطَةً، فأذِنَ لَهَا، فَخَرَجَتْ قَبْلَ دَفْعِهِ، وَحَبَسَنَا حتَّى أَصْبَحْنَا فَدَفَعْنَا بدَفْعِهِ»([7]).

الواجب الرابع: المبيت بمنى:

المبيت بمنى لياليَ أيام التشريق واجب من واجبات الحج([8])؛ لحديث عائشة رضي الله عنها، قالت: «أفاضَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من آخِرِ يومِه حينَ صلَّى الظُّهرَ، ثُم رجَعَ إلى مِنًى، فمكَثَ بها لياليَ أيامِ التشريقِ»([9]).

ويحصل المبيت بمنى بالمكث فيها أكثر الليل([10])؛ لأنَّ مسمى المبيت لا يحصل إلا بمعظم الليل.

الواجب الخامس: رمي الجمرات:

أجمع العلماء على أن رمي الجمرات واجب من واجبات الحج([11]).

ورمي الجمرة على نوعين:

الأول: رمي جمرة العقبة فقط في يوم النحر، ويدخل وقته من منتصف ليلة النحر، ويستحب رميها بعد طلوع الشمس([12])، وينتهي وقته بطلوع فجر اليوم التالي([13]).

الثاني: رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق، ويبدأ وقت الرمي في أيام التشريق بزوال الشمس فلا يصح الرمي فيها قبل الزوال([14])، ويدل عليه حديث جابر رضي الله عنه قال: «رَمَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الجَمْرَةَ يَومَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَمَّا بَعْدُ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ»([15]).

وينتهي وقت رمي كل يوم من أيام التشريق بطلوع فجر اليوم التالي([16])؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُسْأَلُ يَومَ النَّحْرِ بمِنًى، فيَقولُ: لا حَرَجَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أذْبَحَ، قالَ: اذْبَحْ ولَا حَرَجَ، وقالَ: رَمَيْتُ بَعْدَ ما أمْسَيْتُ، فَقالَ: لا حَرَجَ»([17]).

وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صرّح بأن مَن رمى بعدما أمسى فلا حرج عليه، ولفظ المساء عامٌّ لجزء مِن النّهار، وجزء مِن الليل، فدل ذلك على أنَّ أي جزء مِن الليل قبل الفجر فهو وقتٌ للرمي.

الواجب السادس: الحلق أو التقصير:

الحلق أو التقصير واجب من واجبات الحج، والحلق أفضل من التقصير([18])؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: «أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَلَقَ رَأْسَهُ في حَجَّةِ الوَدَاعِ»([19])، وقال «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه»([20]).

الواجب السابع: طواف الوداع:

طواف الوداع واجب من واجبات الحج([21])، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بالبَيْتِ، إلَّا أنَّهُ خُفِّفَ عَنِ المَرْأَةِ الحَائِضِ» متفق عليه.

سنن الحج:

كل ما ورد في الكتاب والسنة في الحج فهو سنة، ما عدا ما ذكرناه مِن الأركان والواجبات.

 

أ.د. حمد بن محمد الهاجري

أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية

كلية الشريعة - بجامعة الكويت

 

([1]) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل من كان دون المواقيت (134/2) برقم (1529)، ومسلم في كتاب الحج، باب مواقيت الحج والعمرة (838/2) برقم (1181).

([2]) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب المناسك، باب في المواقيت (161/3) برقم (1739)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (4/ 176).

([3]) وهذا مذهب الحنفية والحنابلة وقول للمالكية والشافعية وهو اختيار الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد العثيمين. ينظر: البحر الرائق (366/2)، مواهب الجليل (132/4)، روضة الطالبين (97/3)، المغني (370/3)، مجموع فتاوى ابن باز (142/16)، الشرح الممتع (301/7).

([4]) وهو مذهب الشافعية في الأصح، والحنابلة. ينظر: المجموع للنووي (134/8)، المغني (376/3). أما الحنفية -كما في بدائع الصنائع (136/2)-: فالمبيت بمزدلفة ليلة النحر سنة عندهم، وليس بواجب، وإنما الواجب عندهم هو الوقوف بمزدلفة ما بين طلوع الفجر من يوم النحر إلى طلوع الشمس، فمن كان بمزدلفة في هذا الوقت فقد أدرك الوقوف بمزدلفة، سواء بات بها أو لا. وأما المالكية فالمبيت بمزدلفة سنة مستحبة عندهم لا شيء في تركه، وأما النزول بها فهو واجب إن تركه لزمه الدم، ويحصل النزول الواجب بحط الرحل والتمكن من المبيت، ولا يشترط استغراق النصف الأول من الليل. ينظر: الذخيرة للقرافي (263/3)، شرح مختصر خليل للخرشي (333/2).

([5]) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي (886/2)، برقم (1218).

([6]) باتفاق المذاهب الأربعة. ينظر: بدائع الصنائع (136/2)، مواهب الجليل للحطاب (133/3)، المجموع للنووي (139/8)، المغني لابن قدامة (377/3)، بل قال: "لا نعلم فيه خلافًا".

([7]) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب من قدم ضعفة أهله بليل... (165/2) برقم (1680)، ومسلم في كتاب الحج، باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن من مزدلفة إلى منى في أواخر الليل قبل زحمة الناس... (939/2) برقم (1290).

([8]) وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة. ينظر: التمهيد (262/17)، الشرح الكبير للدردير(48/2)، المجموع للنووي(247/8)، الإنصاف للمرداوي (294/9).

([9]) رواه أبو داود في سننه، كتاب المناسك، باب في رمي الجمار (333/3) برقم (1973)، قال الألباني: حديث صحيح؛ إلا قوله: «حينَ صلَّى الظُّهرَ» فهو منكر. صحيح أبي داود (213/6).

([10]) وهو مذهب المالكية، والأصح عند الشافعية. ينظر: الشرح الكبير للدردير (49/2)، المجموع للنووي (247/8).

([11]) ينظر: بدائع الصنائع (136/2)، المجموع للنووي (162/8).

([12]) وهذا مذهب الشافعية والحنابلة واختاره الشيخ عبدالعزيز بن باز. ينظر: المجموع للنووي (180/8)، المغني لابن قدامة (382-381/3)، مجموع فتاوى ابن باز (143/16).

([13]) وهو مذهب الحنفية وهو وجه للشافعية واختاره الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد العثيمين. ينظر: بدائع الصنائع (137/2)، المجموع للنووي (239/8)، مجموع فتاوى ابن باز (144/16)، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (289/22).

([14]) باتفاق المذاهب الأربعة. ينظر: بدائع الصنائع (137/2)، حاشية العدوي (545/1)، المجموع للنووي (225/8)، المغني لابن قدامة (399/3).

([15]) أخرجه البخاري تعليقًا بالجزم في كتاب الحج، باب رمي الجمار (177/2)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وقت استحباب الرمي (945/2) برقم (1299)، واللفظ له.

([16]) وهو مذهب الحنفية ووجه للشافعية واختاره الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد العثيمين. ينظر: بدائع الصنائع (137/2)، المجموع للنووي (239/8)، مجموع فتاوى ابن باز (144/16)، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (289/22).

([17]) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب إذا رمى بعدما أمسى (175/2) برقم (1735)، ومسلم في كتاب الحج، باب من حلق قبل النحر، أو نحر قبل الرمي (950/2) برقم (1307).

([18]) وهو مذهب الجمهور من الحنفية والمالكية، والحنابلة. ينظر: الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 292)، حاشية ابن عابدين (468/2)، حشية العدوي (683/1)، كشاف القناع (521/2).

([19]) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب حجة الوداع (178/5) برقم (4410)، ومسلم في كتاب الحج، باب تفضيل الحلق على التقصير (947/2) برقم (1304).

([20]) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا (934/2) برقم (1297).

([21]) وهو مذهب الحنفية، والشافعية في الأصح، والحنابلة. ينظر: المبسوط للسرخسي (61/4)، المجموع للنووي (284/8)، المغني (3/ 393).


Comments

no comments

Add Comment

You Have reached the limit

0 /