توجيهات شرعية حول ترشح المسلم وتصويته في النظام الديمقراطي

تاريخ النشر : 2021-02-09

عدد المشاهدات : 1118

مرات التحميل : 6

مشاركة


    لا يوجد ملفات للتحميل
أضف الى المفضلة

توجيهات شرعية حول ترشح المسلم وتصويته في النظام الديمقراطي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن دين الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده، وكل خير للعباد فهو مبين في هذا الدين أحسن بيان وأتمه، ولا سعادة للعباد في معاشهم ومعادهم إلا بتحكيم شرع الله، فالله سبحانه هو خالق الخلق، وهو أعلم بما يصلحهم وينفعهم، كما قال تعالى: ﭜ   ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ   ﭡ  ﭢ     ﭣ  [الملك: 14 ].

وإن مما يؤسف له أنه تم إقصاء تحكيم الشريعة الإسلامية في كثير من دول المسلمين، وأصبح تطبيق النظام الديمقراطي كليا أو جزئيا فيها أمرا واقعا؛ لذا وجب التذكير بحكم الديمقراطية وبيان التوجيهات الشرعية حول ترشح المسلم وتصويته فيها، وذلك على النحو الآتي:

أولا: يجب على حكام المسلمين تحكيم شرع الله عز وجل، ويحرم استبداله بالقوانين الوضعية وغيرها من الأنظمة المخالفة له كالديمقراطية، وجعلها نظاما للحكم في البلاد الإسلامية باتفاق العلماء؛ لأنَّ الدِّيمقراطيَّة تعني حكم الشعب للشعب، وهذا مناقض للشَّريعة الإسلاميَّة التي أمرنا الله عزَّ وجلَّ بالاحتكام إليها، ونبذ ما يعارضها من سائر قوانين البشر؛ قال تعالى: ﮈ     ﮉ    ﮊ  ﮋ   ﮍ  ﮎ  ﮏ  ﮐ        ﮑ  [يوسف:40]، وقال تعالى: ﭑ  ﭒ         ﭓ  ﭔ    ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ  ﭚ  ﭛ  ﭜ   ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭢ  ﭣ  ﭤ  ﭥ  ﭦ    ﭧ  ﭨ     ﭩ  ﭪ  [الأحزاب الآية: 36].

ثانيا: اتَّفق العلماء المعاصرون على أنَّ الأصل عدم جواز الترشح في المجالس التَّشريعيَّة والتصويت للمرشحين فيها؛ لأن التشريعات الصادرة من هذه المجالس تحكيم للنظام الديمقراطي المخالف لشرع الله عز وجل.

لكن إذا سمح نظام الدولة بتطبيق النظام الدِّيمقراطيّ في بلادهم، وأصبح ذلك أمرا واقعا، فإن أغلب العلماء المعاصرين، ومنهم الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد العثيمين أجازوا الترشح للمجالس التشريعية في هذه الحالة، بشرط أن يكون هدف المترشح الإصلاح والقيام بشرع الله، وأن يكون ثقة أمينا كفؤا لديه القدرة على الإصلاح، كما أجازوا أيضا التصويت للمرشحين في المجالس البرلمانية بشرط أن يصوَّت للأفضل ديانة وأمانة وكفاءة؛ لأنَّ هذا من باب تقليل الشَّرِّ، ودفع المفسدة الكبرى بالمفسدة الصُّغرى، ولئلا تخلو هذه المجالس عن الخير وأهله، فيُترك المجال للسُّفهاء والفُسَّاق والعلمانيِّين وأشباههم ممَّن هم بعيدون كل البعد عن تحكيم الشَّريعة الإسلاميَّة.

 ثالثا: التصويت في الانتخابات أمانة وشهادة، وينبغي على المسلم أن يحافظ عليها ويراقب الله فيها، ويصوت لمن يعرف منه الصدق والأمانة والنزاهة والكفاءة والاقتدار، والرغبة في العدل وإقامة الحق والإحسان، وحب الوطن وأهله والحرص على ما يعود عليهما بالنفع، فلا يجوز أن يمنح صوته لمن لا يراه كفؤا حتى لو كان قريبا أو صديقا، قال الله تعالى ﭥ  ﭦ  ﭧ   ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ  ﭯ   ﭰ  [الأنفال:27وقال سبحانه: ﯛ   ﯜ  ﯝ  ﯞ  [الزخرف:19].

رابعا: يحرم على المرشح أن يدفع شيئا من المال أو الهدايا لشخص مقابل التصويت له، ويحرم على المصوت أخذها؛ لأن أحدهما راش والآخر مرتش، وقد جاء عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال:" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي". رواه أحمد (6791)، وأبو داوود (3680)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (2621).

ولأن هذا يؤدي إلى تولية من ليس أهلاً للتولية، وهو خيانة وتضييع للأمانة، وإقامة الشهادة لغير الله، وقد قال صلى الله عليه وسلم:" إذا أسند الأمر إلى غير أهله؛ فانتظر السّاعة". رواه البخاري برقم (6496).

خامسا: يجب الحذر كل الحذر من تبادل الأصوات الذي يقع أحيانا بين المرشَّحين، حيث يقول بعضهم لبعض مثلا: اضمن لي خمسين صوتا من أقاربك، أضمن لك مثلها من أقاربي، فيصوت كل من الفريقين لمرشحهم ثم للمرشح الآخر لا لشيء إلا لمجرد أن أصحابه يصوتون لمرشحهم، وهذا لا يقل سوءا عن شراء الأصوات، بل هو أحد صوره، فهو غش محرم يجب تركه والبعد عنه.

سادسا: لا يجوز شرعا تحليف الناس على المصحف للتصويت لشخص معين؛ لأن الأيمان لم تشرع لهذا، قال تعالى ﯵ  ﯶ  ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺ  ﯻ   ﯼ  ﯽ  ﯾ  ﯿ  ﰁ  ﰂ  ﰃ  ﰄ [البقرة:224]؛ ولأن الحلف على المصحف بدعة محدثة، لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد الصحابة رضي الله عنهم.

فمن حُلِّف على التصويت لشخص وقد نوى فيما سبق التصويت له فلا يلزمه أن يحلف فضلا عن الحلف على المصحف، وإن احتاج للحلف فليحلف بالله سبحانه وتعالى، ولا حاجة إلى أن يأتي بالمصحف ليحلف عليه.

ومن الاستخفاف باليمين وإخلاف الوعد أن يحلف الإنسان على التصويت لشخص ليس في نيته التصويت له، فمن وعد شخصا بالتصويت له وهو كفؤ فعليه الوفاء بما وعد، حلف أم لم يحلف.

سابعا: من حلف على التصويت لشخص فلا يلزمه أن يصوت له، بل يجب عليه إذا علم أن المحلوف على التصويت له ليس كفؤا أن يتحلَّل من هذه اليمين بالتكفير ويصوت للأصلح في دينه ودنياه، قال صلى الله عليه وسلم:" من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها؛ فليأت الذي هو خير، وليُكَفِّر عن يمينه". رواه مسلم برقم (1650).


التعليقات

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

لقدوصلت للحدالاقصى

0 /